IKHLAS MENERIMA KEBENARAN
الإخلاص لغة:
مصدر أخلص يخلص وهو مأخوذ من مادّة (خ ل
ص) الّتي تدلّ على تنقية الشّيء وتهذيبه «1» والخالص كالصّافي إلّا أنّ الخالص ما زال
عنه شوبه بعد أن كان فيه والصّافي قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال خلّصته فخلص قال ابن
منظور: خلص الشّيء بالفتح، يخلص خلوصا وخلاصا إذا كان قد نشب ثمّ نجا وسلم، وأخلصه
وخلّصه، وأخلص للّه دينه: أمحضه، وأخلص الشّيء: اختاره، وقريء إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ
الْمُخْلَصِينَ* (ص/ 83) والمخلصين- قال ثعلب: يعني بالمخلصين الّذين أخلصوا العبادة
للّه تعالى. وبالمخلصين الّذين أخلصهم اللّه- عزّ وجلّ-، فالمخلصون المختارون، والمخلصون:
الموحّدون. ولذلك قيل لسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ سورة الإخلاص. قال ابن الأثير: لأنّها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس. أو
لأنّ اللّافظ بها قد أخلص التّوحيد للّه عزّ وجلّ، وكلمة الإخلاص: كلمة التّوحيد. والإخلاص
في الطّاعة: ترك الرّياء «2».
واصطلاحا:
وقال الكفويّ: الإخلاص هو القصد بالعبادة
إلى أن يعبد المعبود بها وحده، وقيل تصفية السّرّ والقول
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
23/ 34/ 8
والعمل «3». وقال المناويّ الإخلاص: تخليص
القلب من كلّ شوب يكدّر صفاءه، فكلّ ما يتصوّر أن يشوبه غيره فإذا صفا عن شوبه وخلص
منه يسمّى خالصا.
وقيل: الإخلاص عمل يعين على الإخلاص. وقيل
الخلاص عن رؤية الأشخاص، وقيل تصفية العمل من التّهمة والخلل «4».
وقال الجرجانيّ: الإخلاص: ألّا تطلب لعملك
شاهدا غير اللّه تعالى وقيل هو:
تخليص القلب عن شائبة الشّوب المكدّر لصفائه-
الفطريّ- وتحقيقه أنّ كلّ شيء يتصوّر أن يشوبه غيره، فإذا صفا عن شوبه وخلص عنه يسمّى
خالصا، قال تعالى: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً (النحل/ 66). فإنّما
خلوص اللّبن أن لا يكون فيه شوب من الفرث والدّم، ومن كلّ ما يمكن أن يمتزج به «5».
وحقيقة الإخلاص: التبرّي عن كلّ ما دون
اللّه تعالى، أمّا الإخلاص في الدّين فيقول فيه الرّاغب:
إخلاص المسلمين أنّهم قد تبرّءوا ممّا يدّعي
اليهود من التشبيه، والنّصارى من التّثليث، قال تعالى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ*
(الأعراف/ 29، غافر/ 14) وقال- عزّ وجلّ- وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ (النساء/
146).
__________
حقيقة الإخلاص:
فحقيقة الإخلاص، باعتباره التزاما في مواقف
الحياة، لا مجرّد تصوّر نظريّ، وهو «التّبرّي عن كلّ ما دون اللّه» يجعلنا ننظر إليه
من زاويتين:
الأولى: من جهة تعلّقه بالعمل، أو من حيث
كونه واقعا يتعلّق بحياة النّاس ومواقفها، أو من حيث كونه يتعلّق بسلوك الإنسان، من
هذا القبيل نجد أن العمل الصّادر عن الإنسان- أيّا كان- إذا قصد به وجه اللّه، وظهرت
الشّواهد على ذلك، فإنّه يعدّ عملا مخلصا، لأنّه خالص من الشّرك، والرّياء، والمراءاة،
والشّهرة. لأنّ العمل الإنسانيّ قد يشوبه شيء ما من ذلك، فإذا صفا عن شوبه، وخلص منه
سمّي خالصا، فالإخلاص ينافي الإشراك، والرّياء، والغشّ، والخداع، والاحتيال، والكذب،
ولذا قد نجد بينه وبين الصّدق قرابة معنى، وكذلك يمتدّ إلى معنى الصّراحة، ويلتقي بمفهوم
الوضوح، والأمانة والصّفاء.
وإذا كانت كلّ المعاني السّابقة من رياء
وغشّ وخداع، واحتيال، وكذب، تمتدّ إلى الشّرك بمعنى ما، فإنّ من الشّرك ما هو خفيّ
وما هو جليّ، وكذا الإخلاص، وكلاهما يرد على قلب المسلم ويكون ذلك في المقصود والنّيّة،
ولذا يأتي الفعل على قدر النّيّة، إمّا مخلصا أو غير مخلص، فمن كان قصده من عمله الرّياء،
فهو غير مخلص، ومن كان غرضه التّقرّب إلى اللّه تعالى فهو مخلص، إلّا أنّ العادة جرت
بتخصيص الإخلاص على قصد التّقرّب إلى اللّه تعالى وتخليصه من جميع ما يشوبه.
وكلّ عمل باعثه التّقرّب إلى اللّه تعالى،
وانضاف إليه خطرة بشريّة حتّى صار العمل موسوما بها، وأخفّ من جهتها من حيث الإتيان،
فقد خرج العمل عن الإخلاص، وخرج عن أن يكون خالصا لوجه اللّه تعالى، وبالتّالي خرج
من أن يكون محقّقا لإنسانيّة الإنسان، وكما يقول الإمام الغزاليّ: «كلّ حظّ من حظوظ
الدّنيا تستريح إليه النّفس، ويميل إليه القلب، قلّ أم كثر، إذا تطرّق إلى العمل تكدّر
به صفوه، وزال به إخلاصه، والإنسان مرتبط في حظوظه، منغمس في شهواته، قلّما ينفكّ فعل
من أفعاله، وعبادة من عباداته عن حظوظ وأغراض عاجلة من هذه الأجناس.
فلذلك قيل: من سلم له من عمره لحظة خالصة
لوجه اللّه نجا، وذلك لعزّة الإخلاص وعسر تنقية القلب عن هذه الشّوائب، بل الخالص هو
الّذي لا باعث له إلّا طلب القرب من اللّه تعالى» «3».
وقد ذكر ابن تيميّة أنّ إخلاص الدّين هو
الّذي
__________
(1) التعريفات (13)، والإحياء (4/ 400) وما بعدها.
(2) مدارج السالكين (3/ 95) والتعريفات (13).
(3) إحياء علوم الدين (4/ 368)، ومفردات الراغب
(154).
إخلاص الدين للّه:
1- قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا
وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ
(139)»
2- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ
عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
(29) «2»
3- إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ
فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2)
أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ
زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ
لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3) «3»
4- قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً
لَهُ الدِّينَ (11)
وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ
(12) «4»
5- قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي
(14)
فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ
إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (15) «5»
6- هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ
مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)
فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (14) «6»
7- هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (65) «7»
8- وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا
مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ
دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) «8»
9- إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ
مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا
وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ
__________
(1) البقرة: 139 مدنية
(2) الأعراف: 29 مكية
(3) الزمر: 2- 3 مكية
(4) الزمر: 11- 12 مكية
(5) الزمر: 14- 15 مكية
(6) غافر: 13- 14 مكية
(7) غافر: 65 مكية
(8) البينة: 4- 5 مدنية
1-* (عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
يقول: «إذا صلّيتم على الميّت فأخلصوا له الدّعاء»)* «1»
2-* (عن عطاء بن السّائب عن أبيه قال:
صلّى بنا عمّار بن ياسر صلاة فأوجز فيها،
فقال له بعض القوم: لقد خفّفت أو أوجزت الصّلاة، فقال:
أمّا على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهنّ
من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فلمّا قام تبعه رجل من القوم، هو أبي غير أنّه
كنّى عن نفسه، فسأله عن الدّعاء ثمّ جاء فأخبر به القوم: «اللّهمّ بعلمك الغيب وقدرتك
على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفّني إذا علمت الوفاة خيرا لي، وأسألك
خشيتك في الغيب والشّهادة، وأسألك كلمة الحقّ في الرّضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر
والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرّضاء بعد القضاء،
وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذّة النّظر إلى وجهك، والشّوق إلى لقائك، في غير
ضرّاء مضرّة ولا فتنة مضلّة، اللّهمّ زيّنّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين»)*
«2».
3-* (عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-:
أنّ رجلين اختصما إلى النّبيّ صلّى اللّه
عليه وسلّم فسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدّعي البيّنة فلم يكن له بيّنة،
فاستحلف المطلوب، فحلف باللّه الّذي لا إله إلّا هو، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم «إنّك قد فعلت، ولكن غفر لك بإخلاصك قول لا إله إلّا اللّه»)* «3».
4-* (عن أبي أمامة الباهليّ- رضي اللّه عنه- قال: جاء
رجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذّكر،
ما له؟. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا شيء له». فأعاد ثلاث مرّات.
يقول له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«لا شيء له». ثمّ قال: «إنّ اللّه لا يقبل من العمل إلّا ما كان له خالصا وابتغي به
وجهه»)* «4».
5-* (عن عثمان- رضي اللّه عنه- قال:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
يقول: «إنّي لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقّا من قلبه إلّا حرّم على النّار». فقال له
عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: أنا أحدّثك ما هي؟ هي كلمة الإخلاص الّتي أعزّ اللّه-
تبارك وتعالى- بها محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، وهي كلمة
__________
1- قال مكحول: «ما أخلص عبد قطّ أربعين يوما
إلّا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه ولسانه»)* «1».
2-* (قال أبو سليمان الدّارانيّ: «إذا أخلص العبد انقطعت
عنه كثرة الوساوس والرّياء»)* «2».
3-* (قال يوسف بن الحسين: «أعزّ شيء في الدّنيا الإخلاص،
وكم أجتهد في إسقاط الرّياء عن قلبي فكأنّه ينبت على لون آخر»)* «3».
4-* (قال الفضيل بن عياض في تفسير قوله تعالى: الَّذِي
خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا هو أخلصه
وأصوبه، قالوا: يا أبا عليّ ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إنّ العمل إذا كان خالصا ولم يكن
صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتّى يكون خالصا صوابا. الخالص
أن يكون للّه والصّواب أن يكون على السّنّة. ثم قرأ قوله تعالى: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا
لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
(الكهف/ 110)»)* «4».
5-* (قال شهر بن حوشب: «جاء رجل إلى عبادة بن الصّامت،
فقال: أنبئني عمّا أسأل عنه، أرأيت رجلا يصلّي يبتغي وجه اللّه ويحبّ أن يحمد¿».
فقال عبادة: «ليس له شيء، إنّ اللّه تعالى
يقول: أنا خير شريك فمن كان له معي شريك فهو له كلّه لا حاجة لي فيه»)* «5».
6-* (قال الجنيد- رحمه اللّه-: «الإخلاص سرّ بين اللّه
وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله»)* «6».
7-* (قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا
لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً
(الكهف/ 110): وهذان ركنا العمل المتقبّل لا بدّ أن يكون خالصا للّه صوابا على شريعة
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم»)* «7».
8-* (قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-:
«العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه»)*
«8».
__________
من فوائد (الإخلاص)
(1) الإخلاص هو الأساس في قبول الأعمال والأقوال.
(2) الإخلاص هو الأساس في قبول الدّعاء.
(3) الإخلاص يرفع منزلة الإنسان في الدّنيا والآخرة.
(4) يبعد عن الإنسان الوساوس والأوهام.
(5) يحرّر العبد من عبوديّة غير اللّه.
(6) يقوّي العلاقات الاجتماعيّة وينصر اللّه به الأمّة.
(7) يفرّج شدائد الإنسان في الدّنيا.
(8) يحقّق الطّمأنينة لقلب الإنسان ويجعله يشعر بالسّعادة.
(9) يقوّي إيمان الإنسان ويكرّه إليه الفسوق والعصيان.
(10) يقوّي عزيمة الإنسان وإرادته في مواجهه الشّدائد.
(11) حصول كمال الأمن والاهتداء في الدّنيا والآخرة.NADHRATUN NA’IM..2/140
BY ABI AZMI
Tidak ada komentar:
Posting Komentar