{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا
وَتَسْلِيمًا (22) } .
هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول
الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله؛ ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي
(6) صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره
الفرج من ربه، عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين؛ ولهذا قال تعالى
للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي: هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا
قال: { لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } .
ثم قال تعالى مخبرًا عن عباده المؤمنين
المصدقين بموعود الله لهم، وجَعْله العاقبةَ حاصلةً لهم في
__________
(6) في ت: "برسول الله".IBNU KATSIR.6/391
فإن قلت : فما حقيقة قوله : { لَّقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } . وقرىء : «أسوة» بالضم؟ قلت : فيه وجهان
، أحدهما : أنه في نفسه أسوة حسنة ، أي : قدوة ، وهو الموتسى [ به ] ، أي : المقتدى
به ، كما تقول : في البيضة عشرون منا حديد ، أي : هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد
. والثاني : أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع . وهي المواساة بنفسه { لّمَن
كَانَ يَرْجُو الله } بدل من لكم ، كقوله : { لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ
} [ الأعراف : 75 ] يرجو الله واليوم الآخر : من قولك رجوت زيداً وفضله ، أي : فضل
زيد ، أو يرجو أيام الله . واليوم الآخر خصوصاً . والرجاء بمعنى الأمل أو الخوف { وَذَكَرَ
الله كَثِيراً } وقرن الرجاء بالطاعات الكثيرة والتوفر على الأعمال الصالحة ، والمؤتسى
برسول الله ??? ???? ???? ???? : من كان كذلك .AL-KASYAF.5/318
قوله ?? ??? { لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة } أي قدوة صالحة أي اقتدوا به اقتداء حسناً وهو أن تنصروا دين الله وتؤازروا
رسوله ولا تتخلفوا عنه وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ قد كسرت رباعيته وجرح وجهه
وقتل عمه وأوذي بضروب الأذى فصبر وواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم كذلك أيضاً واستنوا
بسنته { لمن كان يرجوا الله } يعني أن الأسوة برسول الله ??? ???? ???? ???? لمن كان
يرجو الله قال ابن عباس يرجو ثواب الله { واليوم الآخر } يعني ويخشى يوم البعث الذي
فيه الجزاء { وذكر الله كثيراً } أي في المواطن على السراء والضراء ثم وصف حال المؤمنين
عند لقاء الأحزاب.AL-KHAZIN.5/178
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ . . . . }
في هذه الآية عتاب من الله للمتخلّفين عن
رسول الله ??? ???? ???? ???? . لقد كان لكم في رسول الله قُدوة حسنةٌ أن تتأسُّوا
به ، ولا تتخلّفوا عنه ، وتصبروا على الحرب ومعاناة الشدائد ، لمن كان يرجو ثواب الله
والفوز بالنجاة في اليوم الآخر . وقد قرن الله الرجاء بكثرة ذكر الله .AL-QATHAN.3/104
وقوله تعالى في الآية الثانية ( 21 ) {
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا
} أي : لقد كان لكم أيها المسلمون اي : من مؤمنين صادقين ومنافقين كاذبين في رسول الله
محمد ??? ???? ???? ???? أسوة حسنة أي قدوة صالحة فاقتدوا به في جهاده وصبره وثباته
، فقد جاع حتى شد بطنه بعصابة وقاتل حتى شُجّ وجهه وكسرت رباعيته ومات عمه وحفر الخندق
بيديه وثبت في سفح سلع أمام العدو قرابة شهر فأتسوا به في الصبر والجهاد والثبات إن
كنتم ترجون الله أي تنظرون ما عنده من خير في مستقبل أيامكم في الدنيا والآخرة وترجون
اليوم الآخر أي ترتقبونه وما فيه من سعادة وشقاء ، ونعيم مقيم أو جحيم وعذاب أليم .
وتذكرون الله تعالى كثيرا في كل حالاتكم
وأوقاتكم ، فاقتدوا بنبيكم فإِن الاقتداء به واجب لايسقط إلاّ عن عجز والله المستعان .AISARUT TAFASIR.3/280-281
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيرًا (21) }
لقد كان لكم -أيها المؤمنون- في أقوال رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله قدوة حسنة تتأسون بها، فالزموا سنته، فإنما
يسلكها ويتأسى بها مَن كان يرجو الله واليوم الآخر، وأكثرَ مِن ذكر الله واستغفاره،
وشكره في كل حال.AL-MUYASSAR.7/331
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } حيث حضر الهيجاء بنفسه الكريمة، وباشر موقف الحرب، وهو الشريف
الكامل، والبطل الباسل، فكيف تشحون بأنفسكم، عن أمر جاد رسول اللّه صلى اللّه عليه
وسلم، بنفسه فيه¿"
فَتأَسَّوْا به في هذا الأمر وغيره.
واستدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج
بأفعال الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وأن الأصل، أن أمته أسوته في الأحكام، إلا ما دل
الدليل الشرعي على الاختصاص به.
فالأسوة نوعان: أسوة حسنة، وأسوة سيئة.
فالأسوة الحسنة، في الرسول صلى اللّه عليه
وسلم، فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه، وهو الصراط المستقيم.
وأما الأسوة بغيره، إذا خالفه، فهو الأسوة
السيئة، كقول الكفار (5) حين دعتهم الرسل للتأسِّي ]بهم[ (6) { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا
عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ }
وهذه الأسوة الحسنة، إنما يسلكها ويوفق
لها، من كان يرجو اللّه، واليوم الآخر، فإن ما معه (7) من الإيمان، وخوف اللّه، ورجاء
ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول صلى اللّه عليه وسلم.ASSA’DY.1/661
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } هذا عتاب للمتخلفين عن القتال؛ أي كان
لكم قدوة في النبي ??? ???? ???? ???? حيث بذل نفسه لنصرة دين الله في خروجه إلى الخندق
. والأسوة القدوة . وقرأ عاصم «أُسوة» بضم الهمزة . الباقون بالكسر؛ وهما لغتان . والجمع
فيهما واحد عند الفرّاء . والعلة عنده في الضم على لغة من كسر في الواحدة : الفرقُ
بين ذوات الواو وذوات الياء؛ فيقولون كِسْوة وكُساً ، ولِحية ولحىً . الجوهريّ : والأُسوة
والإسوة بالضم والكسر لغتان . والجمع أُسًى وإسًى . وروى عقبة بن حسان الهجري عن مالك
بن أنس عن نافع عن ابن عمر { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
} قال : في جوع النبي ??? ???? ???? ???? ؛ ذكره الخطيب أبو بكر أحمد وقال : تفرد به
عقبة بن حسان عن مالك ، ولم أكتبه إلا بهذا الإسناد .
الثانية : قوله تعالى : { أُسْوَةٌ } الأسوة
القدوة . والأسوة ما يتأسّى به؛ أي يُتعزَّى به . فيقتدَى به في جميع أفعاله ويتعزّى
به في جميع أحواله؛ فلقد شُجّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، وقُتل عمه حمزة» وجاع بطنه ،
ولم يُلْفَ إلا صابراً محتسِباً ، وشاكراً راضياً . وعن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال
: شكونا إلى رسول الله ??? ???? ???? ???? الجوع ورفعنا ( عن بطوننا ) عن حَجَر حجر؛
فرفع رسول الله ??? ???? ???? ???? عن حجرين . خرجه أبو عيسى الترمذي وقال فيه : حديث
غريب . وقال ??? ???? ???? ???? لما شُجّ : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
" وقد تقدّم . { لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر } قال سعيد بن جبير
: المعنى لمن كان يرجو لقاء الله بإيمانه ويصدّق بالبعث الذي فيه جزاء الأفعال . وقيل
: أي لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر . ولا يجوز عند الحذاق من النحويين أن
يكتب «يرجو» إلا بغير ألف إذا كان لواحد؛ لأن العلة التي في الجمع ليست في الواحد
. { وَذَكَرَ الله كَثِيراً } خوفاً من عقابه ، ورجاء لثوابه . وقيل : إن «لِمَنْ»
بدل من قوله : «لَكُمْ» ولا يجيزه البصريون؛ لأن الغائب لا يبدل من المخاطب ، وإنما
اللام من «لِمن» متعلقة ب«حسنة» ، و«أُسْوة» اسم «كَانَ» و«لَكُمْ» الخبر . واختلف
فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين : أحدهما : المنافقون؛ عطفاً على ما تقدّم من خطابهم
. الثاني : المؤمنون؛ لقوله : { لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر } .
واختلف في هذه الأسوة بالرسول عليه السلام
، هل هي على الإيجاب أو على الاستحباب؛ على قولين : أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم
دليل على الاستحباب . الثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب . ويحتمل أن
يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدينا .ATHABARY.1/4453
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } أي قدوة صالحة ، يقال : لي في فلاة أسوة ، أي لي به ، والأسوة
من الائتساء ، كالقدوة من الاقتداء : اسم يوضع موضع المصدر . قال الجوهري : والأسوة
والإسوة بالضم والكسر ، والجمع أسى وإسى . قرأ الجمهور { أسوة } بالضم للهمزة ، وقرأ
عاصم بكسرها ، وهما لغتان كما قال الفراء وغيره . وفي هذه الآية عتاب للمتخلفين عن
القتال مع رسول الله ??? ???? ???? ???? ، أي لقد كان لكم في رسول الله حيث بذل نفسه
للقتال وخرج إلى الخندق لنصرة دين الله أسوة ، وهذه الآية وإن كان سببها خاصاً ، فهي
عامة في كل شيء ، ومثلها : { مَا آتاكم الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنْهُ فانتهوا
} [ الحشر : 7 ] ، وقوله : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ
الله } [ آل عمران : 31 ] ، واللام في { لّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر } متعلق
ب { حسنة } ، أو بمحذوف هو صفة ل { حسنة } ، أي كائنة لمن يرجو الله . وقيل : إن الجملة
بدل من الكاف في لكم ، وردّه أبو حيان وقال : إنه لا يبدل من ضمير المخاطب بإعادة الجار .
ويجاب عنه بأنه قد أجاز ذلك الكوفيون والأخفش
وإن منعه البصريون ، والمراد ب { من كان يرجو الله } : المؤمنون؛ فإنهم الذين يرجون
الله ويخافون عذابه ، ومعنى يرجون الله : يرجون ثوابه أو لقاءه ، ومعنى يرجون اليوم
الآخر : أنهم يرجون رحمة الله فيه ، أو يصدقون بحصوله وأنه كائن لا محالة ، وهذه الجملة
تخصيص بعد التعميم بالجملة الأولى { وَذَكَرَ الله كَثِيراً } معطوف على { كان } ،
أي ولمن ذكر الله في جميع أحواله ذكراً كثيراً ، وجمع بين الرجاء لله والذكر له ، فإن
بذلك تتحقق الأسوة الحسنة برسول الله
??? ???? ???? ???? .FATHUL QADIR.6/30-31. JAKARTA 24/12/2013.BY ABI FAID
Tidak ada komentar:
Posting Komentar