Rabu, 04 Desember 2013

AQIDAH ISLAM




HADITS AQIDAH

Niat 2.Islam,Iman,Ikhsan 3.Takdir 4.Perbuatan Terbaik 5.Kesempurnaan iman
إنما الأعمال بالنيات

1 - " عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري وأبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة " .

......................................................

هذا حديث صحيح متفق على صحته وعظيم موقعه وجلالته وكثرة فوائده رواه الإمام أبو عبد الله البخاري، في غير موضع من كتابه، ورواه أبو الحسين مسلم بن الحجاج في آخر كتاب الجهاد، وهو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال الإمام أحمد، والشافعي، رحمهما الله " يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم " قاله البيهقي، وغيره. وسبب ذلك أن كسب العبد يكون بقلبه ولسانه وجوارحه والنية أحد الأقسام الثلاثة.

وروي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه، وقال جماعة من العلماء هذا الحديث ثلث الإسلام.

واستحب العلماء أن تستفتح المصنفات بهذا الحديث، ومن ابتدأ به في أول كتابه الإمام أبو عبد الله البخاري، وقال عبد الرحمن بن مهدي، ينبغي لكل من صنف كتاباً أن يبتدئ فيه بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النية.

وهذا حديث مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله لأنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولك يروه عن عمر، إلا علقمة بن أبي وقاص ولم يروه عن علقمة إلا مجمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم اشتهر بعد ذلك فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة.

ولفظة " إنما " للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه وهي تارة تقتضي الحصر وتارة تقتضي حصراً مخصوصاً يفهم ذلك بالقرائن كقوله تعالى: (إنما أنت منذر) فظاهر الحصر في النذارة والرسول لا ينحصر في ذلك بل له أوصاف كثيرة جميلة كالبشارة وغيرها وكذلك قوله تعالى: ( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) فظاهره والله أعلم الحصر باعتبار من آثرها وأما بالنسبة إلى ما في نفس الأمر فقد تكون سبباً إلى الخيرات ويكون ذلك من باب التغليب فإذا وردت هذه اللفظة فاعتبرها فإن دل السياق والمقصود من الكلام على الحصر في شيء مخصوص فقل به وإلا فاحمل الحصر على الإطلاق ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات " والمراد بالأعمال الأعمال الشرعية ومعناه لا يعتد بالأعمال دون النية مثل الوضوء وا؟لغسل والتيمم وكذلك الصلاة والزكاة والصوم والحج والاعتكاف وسائر العبادات، فأما إزالة النجاسة فلا تحتاج إلى نية لأنها من باب التروك والترك لا يحتاج إلى نية، وذهب جماعة إلى صحة الوضوء والغسل بغير نية.

وفي قوله: " إنما الأعمال بالنيات " محذوف واختلف العلماء في تقديره فالذين اشترطوا النية قدروا صحة الأعمال بالنيات، والذين لم يشترطوها قدروا كمال الأعمال بالنيات.

وقوله: " وإنما لكل امرئ ما نوى " قال الخطابي يفيد معنى خاصاً غير الأول وهو تعيين العمل بالنية، وقال الشيخ محيي الدين النووي: فائة ذكره أن تعيين المنوي شرط فلو كان على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهراً أو عصراً أو غيرهما ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك والله أعلم.

وقوله: " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله " المتقرر عند أهل العربية أن الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لا بد أن يتغايرا وههنا قد وقع الاتحاد وجوابه " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله " نية وقصداً " فهجرته إلى الله ورسوله " حكماً وشرعاً.

وهذا لحديث ورد على سبب لأنهم نقلوا أن رجلاً هاجر من مكة إلى المدينة ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس لا يريد بذلك فضيلة الهجرة فكان يقال له مهاجر أم قيس والله أعلم.

بيان الإسلام والإيمان والإحسان

2 - " عن عمر رضي الله عنه أيضاً قال: " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. فعجبنا له أن يسأله ويصدقه قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الساعة.قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال فأخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق فلبثت ملياً، ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " رواه مسلم " .

......................................................

هذا حديث عظيم قد اشتمل على جميع وظائف الأعمال الظاهرة والباطنة، وعلوم الشريعة كلها راجعة إليه ومتشعبة منه لما تضمنه من جمعه علم السنة فهو كالأم للسنة كما سميت الفاتحة أم القرآن لما تضمنته من جمعها معاني القرآن.

وفيه دليل على تحسين الثياب والهيئة والنظافة عند الدخول على العلماء والفضلاء والملوك فإن جبريل أتى معلماً للناس بحاله ومقاله.

قوله: " لا يرى عليه أثر السفر " المشهور ضم الياء من يرى مبنياً لما لم يسم فاعله ورواه بعضهم بالنون المفتوحة وكلاهما صحيح.

قوله: " ووضع كفيه على فخذيه وقال يا محمد " هكذا هو المشهور الصحيح ورواه النسائي بمعناه وقال: " فوضع يديه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم فارتفع الاحتمال الذي في لفظ كتاب مسلم فإنه قال فيه: " فوضع كفيه على فخذيه " وهو محتمل.

وقد استفيد من هذا الحديث أن الإسلام والإيمان حقيقتان متباينتان لغة وشرعاً وهذا هو الأصل في الأسماء المختلفة وقد يتوسع فيهما الشرع فيطلق أحدهما على الآخر على سبيل التجوز.

قوله: " فعجبنا له يسأله ويصدقه " إنما تعجبوا من ذلك لأن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا من جهته وليس هذا السائل ممن عرف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالسماع منه ثم هو قد سأل سؤال عارف محقق مصدق فتعجبوا من ذلك.

قوله: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه " الإيمان بالله هو التصديق بأنه سبحانه موجود موصوف بصفات الجلال والكمال منزه عن صفات النقص وأنه واحد حق صمد فرد خالق جميع المخلوقات متصرف فيما يشاء ويفعل في ملكه ما يريد.

والإيمان بالملائكة هو التصديق بأنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهو بأمره يعملون.

والإيمان برسل الله هو التصديق أنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى أيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم وأنهم بلغوا عن الله رسالاته وبينوا للمكلفين ما أمرهم الله به وأنه يجب احترامهم وأن لا يفرق بين أحد منهم.

والإيمان باليوم الآخر هو التصديق بيوم القيامة وما اشتمل عليه من الإعادة بعد الموت والحشر والنشر والحساب والميزان والصراط والجنة والنار وأنهما دار ثوابه وجزائه للمحسنين والمسيئين إلى غير ذلك مما صح من النقل.

والإيمان بالقدر هو التصديق بما تقدم ذكره وحاصله ما دل عليه قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) (إنا على كل شيء خلقناه بقدر) ونحو ذلك. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وأن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " .

ومذهب السلف وأئمة الخلف أن من صدق بهذه الأمور تصديقاً جازماً لا ريب فيه ولا تردد كان مؤمناً حقاً سواء كان ذلك عن براهين قاطعة أو عن اعتقادات جازمة.

وقوله في الإحسان: " أن تعبد الله كأنك تراه " الخ حاصله راجع إلى إتقان العبادات ومراعاة حقوق الله تعالى ومراقبته واستحضار عظمته وجلالته حال العبادات .

قوله: " فأخبرني عن أماراتها " بفتح الهمزة، والأمارة العلامة، والأمة ههنا الجارية المستولدة، وربتها سيدتها وجاء في رواية بعلها، وقد رُوي أن أعرابياً سئل عن هذه الناقة قال: أنا بعلها ويسمى الزوج بعلاً، وهو في الحديث ربتها بالتأنيث، واختلف في قوله: " أن تلد الأمة ربتها " فقيل المراد به أن يستولي المسلمون على بلاد الكفر فيكثر التسري فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه وعلى هذا فالذي يكون من أشراط الساعة استيلاء المسلمين على المشركين وكثرة الفتوح والتسري، وقيل معناه أن تفسد أحوال الناس حتى يبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر تردادهن في أيدي المشترين فربما اشتراها ولدها ولا يشعر بذلك فعلى هذا الذي يكون من أشراط الساعة غلبة الجهل بتحريم بيعهن، وقيل معناه أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب.

" والعالة " بتخفيف اللام جمع عائل وهو الفقير.

وفي الحديث كراهة ما لا تدعو الحاجة إليه من تطويل البناء وتشييده وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يؤجر ابن آدم في كل شيء إلا ما وضعه في هذا التراب " ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يضع حجراً على حجر ولا لبنة على لبنة أي لم يشيد بناءه ولا طوله ولا تأنق فيه.

قوله: " رعاء الشاء " إنما خص رعاء الشاء بالذكر لأنهم أضعف أهل البادية معناه أنهم مع ضعفهم وبعدهم عن أسباب ذلك بخلاف أهل الإبل فإنهم في الغالب ليسوا عالة ولا فقراء.

وقوله: " فلبثت ملياً " قد روي بالتاء يعني لبث عمر رضي الله عنه وروي فلبث بغير تاء يعني أقام النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه وكلاهما صحيح المعنى، وقوله: " ملياً " هو بتشديد الياء أي زماناً كثيراً وكان ذلك ثلاثاً هكذا جاء مبيناً في رواية أبي داود وغيره.

وقوله: " أتاكم يعلمكم دينكم " أي قواعد دينكم أو كليات دينكم قاله الشيخ محيي الدين في شرحه لهذا الحديث في صحيح مسلم.

أهم ما يذكر في هذا الحديث بيان الإسلام والإيمان والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدرة الله تعالى وذكر بيان الإسلام والإيمان كلاماً طويلاً وحكى فيه أقوال جماعة من العلماء، منها ما حكاه عن الإمام أبي الحسين المعروف بابن بطال المالكي، أنه قال: مذهب جماعة أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص بدليل قوله تعالى: (ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم) ونحوها من الآيات، قال بعض العلماء نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص والإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته وهي الأعمال ونقصانها، قالوا: وفي هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة وبين أصل وضعه في اللغة وهذا الذي قاله هؤلاء وإن كان ظاهراً فالأظهر والله أعلم أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر بظاهر الأدلة ولهذا يكون إيمان المصدقين أقوى من إيمان غيرهم بحيث لا يغريهم السفه، ولا يتزلزل إيمانهم بعارض بل لا تزال قلوبهم منشرحة منيرة وإن اختلفت عليهم الأحوال فأما غيرهم من المؤلفة ومن قاربهم فليسوا كذلك وهذا لا يمكن إنكاره ولا يشك في نفس تصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في صحيحه: " قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل عليهما السلام " وأما إطلاق اسم الإيمان على الأعمال فمتفق عليه عند أهل الحق ودلائله أكثر من أن تحصر قال الله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي صلاتكم وحكي عن الشيخ أبي عمرو بن الصلاح في قوله صلى الله عليه وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة إلى آخره " ثم فسر الإيمان بقوله أن تؤمن بالله تعالى وملائكته إلى آخره، وقال رحمه الله هذا بيان أصل الإيمان، وهو التصديق الباطن، ويبان أصل الإسلام، وهو الاستسلام والانقياد الظاهر وحكم الإسلام في الظاهر ثبت في الشهادتين، وإنما أضاف إليها الصلاة والزكاة والصوم الحج، لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها. وبقيامه بها يصح إسلامه.

ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات التصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو ترك فريضة لأن اسم الشيء مطلقاً يقع على الكامل منه ولا يستعمل في الناقص ظاهراً إلا بنية وكذلك جاز اطلاق نفيه عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " .

واسم الإسلام يتناول أيضاً ما هو أصل الإيمان وهو التصديق الباطن ويتناول أصل الطاعات فإن ذلك كله استسلام قال فخرج بما ذكرناه أن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان وأن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً وقال هذا التحقيق واف بالتوفيق ونصوص الكتاب والسنة الواردة في الإيمان والإسلام التي طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لمذهب جماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم والله أعلم.

الأعمال بخواتيمها

4 - " عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: " أن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " رواه البخاري ومسلم " .

......................................................

قوله: " وهو الصادق المصدوق " أي الصادق في قوله المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم.

قال بعض العلماء معنى قوله: " إن أحدكم يجمع في بطن أمه " إن المني يقع في الرحم متفرقاً فيجمعه الله تعالى في محل الولادة من الرحم في هذه المدة، وقد جاء عن أبن مسعود في تفسير ذلك " أن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله تعالى أن يخلق منها بشراً طارت في بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تصير دماً في الرحم فذلك جمعها وهو وقت كونها علقة " .

قوله: " ثم يرسل إليه لملك " يعني الملك الموكل بالرحم.

قوله: " وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة " إلى آخر ظاهر الحديث أن هذا العامل كان عمله صحيحاً وأنه قرب من الجنة بسبب عمله، حتى بقي له على دخولها ذراع، وإنما منعه من ذلك سابق القدر الذي يظهر عند الخاتمة فإذاً الأعمال بالسوابق لكن لما كانت السابقة مستورة عنا والخاتمة ظاهرة جاء في الحديث: " إنما الأعمال بالخواتيم " يعني عندنا بالنسبة إلى اطلاعنا في بعض الأشخاص وفي بعض الأحوال، وأما الحديث الذي ذكره مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة " فيما يبدو للناس وهو من أهل النار فإنه لم يكن عمله صحيحاً في نفسه وإنما كان رياء وسمعة فيستفاد من ذلك الحديث ترك الالتفات إلى الأعمال والركون إليها والتعويل على كرم الله ورحمته.

وقوله قبل ذلك: " ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله " هو بالباء الموحدة في أوله على البدل من أربع كلمات.

وقوله: " شقي أو سعيد " مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره وهو شقي أو سعيد.

ترك ما لا يعني المسلم

12 - " عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " حديث حسن رواه الترمذي وغيره هكذا " .

......................................................

وقد رواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وصحح طرقه ثم قال في هذا الحديث هذا من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة ونحو ذلك قول أبي ذر في بعض حديثه: " ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " .

وذكر مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان: " ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل " فقال: " صدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني " .

وروى عن الحسن قال: " من علامة أعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه " .

وقال أبو داود أصول السنن في كل فن أربعة أحاديث وذكر منها هذا الحديث.

كمال الإيمان

13 - " عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه - خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " رواه البخاري ومسلم.

......................................................

هكذا جاء في صحيح البخاري لأخيه من غير شك وجاء في صحيح مسلم حتى يحب لأخيه أو لجاره على الشك.

قال العلماء: يعني لا يؤمن من الإيمان التام وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لك يكن بهذه الصفة.

والمراد يحب لأخيه من الطاعات والأشياء المباحات ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي: " حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه " . قال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح، وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك، إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا ينقص عليه شيء من النعمة، وذلك سهل قريب على القلب السليم، وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله تعالى وإخواننا أجمعين.

وقال أبو الزناد ظاهر هذا الحديث التساوي وحقيقته التفضيل لأن الإنسان يجب أن يكون أفضل الناس فإذا أحب لأخيه مثله فقد دخل هو في جملة المفضولين ألا ترى أن الإنسان يجب أن ينتصف من حقه ومظلمته؟ فإن أكمل إيمانه وكان لأخيه عنده مظلمة أو حق بادر إلى إنصافه من نفسه وإن كان عليه فيه مشقة.

ويحكى أن الفضل بن عياض، قال لسفيان بن عيينة إن كنت تريد أن يكون الناس مثلك فما أديت الله الكريم النصيحة فكيف وأنت تود أنهم دونك؟ .

وقال بعض العلماء في هذا الحديث من الفقه أن المؤمن مع المؤمن كالنفس الواحدة فينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من حيث إنهما نفس واحدة كما جاء في الحديث الآخر " المؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " .

آداب إسلامية

15 - " عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " رواه البخاري ومسلم " .

......................................................

قوله: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " يعني من كان يؤمن الإيمان الكامل المنجي من عذاب الله الموصل إلى رضوان الله " فليقل خيراً أو ليصمت " لأن من آمن بالله حق إيمانه خاف وعيده ورجا ثوابه واجتهد في فعل ما أمر به وترك ما نهي عنه وأهم ما عليه من ذلك ضبط جوارحه التي هي رعاياه وهو المسؤول عنها كما قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) ، وقال تعالى: ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) وآفات اللسان كثيرة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " . وقال: " كل كلام ابن آدم عليه إلا ذكر الله تعالى وأمر بمعروف ونهي عن منكر " . فمن علم ذلك وآمن به حق إيمانه اتقى الله في لسانه فلا يتكلم إلا بخير أو ليسكت.

قال بعض العلماء جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث ذكر منها قوله صلى الله عليه وسلم: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " . قال أهل اللغة: يقال صمت يصمت بضم الميم صمتاً وصموتاً وصماتاً.

وقال بعضهم في معنى هذا الحديث إذا أراد الإنسان أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيراً محققاً يثاب عليه فليتكلم وإلا فليمسك عن الكلام سواء ظهر أنه حرام أو مكروه أو مباح فعلى هذا يكون الكلام المباح مأموراً بتركه مندوباً إلى الإمساك عنه مخافة أن ينجر إلى المحرم أو المكروه وقد يقع ذلك كثيراً قال الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) .

واختلف العلماء في أنه هل يكتب على الإنسان جميع ما يلفظ به وإن كان مباحاً أو لا يكتب عليه إلا ما فيه الجزاء من ثواب أو عقاب وإلى القول الثاني ذهب ابن عباس وغيره، فعلى هذا تكون الآية الكريمة مخصوصة، أي(ما يلفظ من قول) يترتب عليه جزاء.

وقوله صلى الله عليه وسلم: " فليكرم جاره - فليكرم ضيفه " فيه تعريف لحق الجار والضيف وبرهما وحث على حفظ الجوارح وقد أوصى الله تعالى في كتابه بالإحسان إلى الجار، وقال صلى الله عليه وسلم: " ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " والضيافة من الإسلام وخلق النبيين والصالحين. وقد أوجبها بعض العلماء وأكثرهم على أنها من مكارم الأخلاق. وقال صاحب الإفصاح في هذا الحديث من الفقه: أن يعتقد الإنسان إن إكرام الضيف عبادة لا ينقصها أن يضيف غنياً ولا بغيرها أن يقدم إلى ضيفه اليسير مما عنده، فإكرامه أن يسارع إلى البشاشة في وجهه، ويطيب الحديث له، وعماد أهل الضيافة إطعام الطعام فينبغي أن يبادر بما فتح الله من غير كلفة، وذكر كلاماً في الضيافة، ثم قال: وأما قوله: " فليقل خيراً أو ليصمت " فإنه يدل على أن قول الخير خير من الصمت والصمت خير من قول الشر وذلك أنه أمره بلام الأمر بقول الخير وبدأ به على الصمت، ومن قول الخير الإبلاغ عن الله تعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعليم المسلمين والأمر بالمعروف عن علم والنهي عن المنكر عن علم والإصلاح بين الناس وأن يقول للناس حسناً، ومن أفضل الكلمات كلمة حق عند من يخاف ويرجى في ثبات وسداد.

احفظ الله يحفظك

19 - " عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي " احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك. وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا " " .

......................................................

مناقب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أكثر من أن تحصر وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " " ودعا له بأن يؤتى الحكمة مرتين " وثبت عنه: " أنه رأى جبريل مرتين " وهو بحر هذه الأمة وحبرها وقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلاً للوصية مع صغره فقال له: " احفظ الله يحفظك " ومعناه كن مطيعاً لربك، مؤتمراً بأوامره، منتهياً عن نواهيه.

وقوله: " احفظ الله تجده تجاهك " أي اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته فإنك تجده تجاهك في الشدائد كما جرى للثلاثة الذين أصابهم المطر فآووا إلى غار فانحدرت صخرة فانطبقت عليهم فقالوا انظروا ما عملتم من الأعمال الصالحة فاسألوا الله تعالى بها فإنه ينجيكم، فذكر كل واحد منهم سابقة له مع ربه، فانحدرت عنهم الصخرة فخرجوا يمشون وقصتهم مشهورة في الصحيح.

وقوله: " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله " أرشده إلى التوكل على مولاه وأن لا يتخذ إلهاً سواه ولا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قل منها وما كثر. وقال الله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى بطلبه أو بقلبه أو بأمله فقد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه وكذلك الخوف من غير الله وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك " وكذلك في الضر وهذا هو الإيمان بالقدر والإيمان به واجب خيره وشره وإذا تيقن المؤمن هذا فما فائدة سؤال غير الله والاستعانة به وكذلك إجابة الخليل عليه الصلاة والسلام جبريل عليه السلام حين سأله وهو في الهواء " ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا " .

وقوله: " رفعت الأقلام وجفت الصحف " هذا تأكيد أيضاً لما تقدم أي لا يكون خلاف لما ذكرت لك بنسخ ولا تبديل.

قال: " واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا " فنبهه على أن الإنسان في الدنيا ولا سيما الصالحون معرضون للمصائب لقوله عز وجل " (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) .

الحياء من الإيمان

20 - " عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري " .

......................................................

معنى قوله: " من كلام النبوة الأولى " إن الحياء لم يزل ممدوحاً مستحسناً مأموراً به لم ينسخ في شرائع الأنبياء الأولين.

وقوله: " فاصنع ما شئت " فيه وجهان أحدهما أن يكون خرج بلفظ الأمر على معنى الوعيد والتهديد ولم يرد به الأمر كقوله: " اعملوا ما شئتم " فإنه وعيد لأنه قد بين لهم ما يأتون به وما يتركون. وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من باع الخمر فليشقص الخنازير " ، لم يكن في هذا إباحة تشقيص الخنازير. والوجه الثاني أن معناه أئت كل ما لم يستحيا منه إذا ظهر فاعله، ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم: " الحياء من الإيمان " معناه إنه لما كان يمنع صاحبه من الفواحش ويحمل على البر والخير كما يمنع الإيمان صاحبه من ذلك ويحمله على الطاعات صار بمنزلة الإيمان لمساواته له في ذلك والله أعلم.



قل آمنت بالله ثم استقم

21 - " عن أبي عمرو - وقيل أبي عمرة - سفيان بن عبد الله رضي الله عنه، قال قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك. قال: " قل آمنت بالله ثم استقم " رواه مسلم.

......................................................

معنى قوله: " قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك " أي علمني قولاً جامعاً لمعاني الإسلام واضحاً في نفسه بحيث لا يحتاج إلى تفسير غيرك أعمل عليه وأتقي به فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: " قل آمنت ثم استقم " .

هذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم فإنه جمع لهذا السائل في هاتين الكلمتين معاني الإسلام والإيمان كلها فإنه أمره أن يجدد إيمانه بلسانه متذكراً بقلبه وأمره أن يستقيم على أعمال الطاعات والانتهاء عن جميع المخالفات إذ لا تتأتى الاستقامة مع شيء من الإعوجاج فإنها ضده وهذا كقوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) الآية أي آمنوا بالله وحده، ثم استقاموا على ذلك، وعلى الطاعة إلى أن توفاهم الله عليها. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " استقاموا والله على طاعته ولم يروغوا روغان الثعلب " . ومعناه اعتدلوا على أكثر طاعة لله اعتقاداً وقولاً وفعلاً. وداموا على ذلك، وهذا معنى قول أكثر المفسرين، وهي معنى الحديث إن شاء الله تعالى.

وكذلك قوله سبحانه: (فاستقم كما أمرت) قال ابن عباس ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية كانت أشق عليه من هذه الآية. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: " شيبتني هود وأخواتها " .

قال الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى؛ " الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها وبوجودها حصول الخيرات ونظامها ومن لم يكن مستقيماً في حال سعيه ضاع سعيه وخاب جده " . قال وقيل: الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات. ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " استقيموا ولن تحصوا " وقال الواسطي: الاستقامة الخصلة التي بها كمال المحاسن، وبفقدها قبحت المحاسن، والله أعلم.

علامة الإيمان

41 - عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.

......................................................

هذا الحديث كقوله سبحانه وتعالى؛ (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) الآية وسبب نزولها " أن الزبير رضي اله عنه كان بينه وبين رجل من الأنصار خصومة في ماء فتحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اسق يا زبير وسرح الماء إلى جارك يحضه بذلك إلى المسامحة والتيسير فقال الأنصاري إن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا زبير احبس الماء حتى يبلغ الجذر ثم سرحه " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشار على الزبير بما فيه مصلحة الأنصاري، فلما أحفظه الأنصاري بما قال أي أغضبه استوعب للزبير حقه الذي يجب له فنزلت هذه الآية.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر إنه قال: " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين " قال أبو الزناد هذا من جوامع الكلم لأنه قد جمع في هذه الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة لأن أقسام المحبة ثلاثة محبة إجلال وعظمة كمحبة الوالد ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد ومحبة استحسان ومشاكلة كمحبة سائر الناس فحصر أصناف المحبة.

قال ابن بطال ومعنى الحديث والله أعلم أن من استكمل الإيمان علم إن حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضله آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لأن بالرسول صلى الله عليه وسلم استنقذه الله عز وجل من النار، وهداه من الضلال.

والمراد بالحديث بذل النفس دونه صلى الله عليه وسلموقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يقاتلون معه آباءهم وأبناءهم وإخوانهم، وقد قتل أبو عبيدة أباه لإيذائه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعرض أبو بكر رضي الله عنه يوم بدر لولده عبد الرحمن لعله يتمكن منه فيقتله. فمن وجد هذا منه فقد صح إن هواه تبع لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

العبادة لله وسيلة القرب والمحبة

38 - " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى قال: " من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري " .

......................................................

قال صاحب الإفصاح في هذا الحديث من الفقه إن الله سبحانه وتعالى قدم الأعذار إلى كل من عادى ولياً إنه إنه قد آذنه بأنه محاربه بنفس المعاداة، وولي الله تعالى هو الذي يتبع ما شرعه الله تعالى فليحذر الإنسان من إيذاء قلوب أولياء الله عز وجل ومعنى المعاداة أن يتخذه عدواً.

ولا أرى المعنى إلا من عاداه لأجل ولاية الله، وأما إذا كانت الأحوال تقتضي نزاعاً بين وليين لله محاكمة أو خصومة راجعة إلى استخراج حق غامض فإن ذلك لا يدخل في هذا الحديث فإنه قد جرى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما خصومة وبين العباس وعلي رضي الله عنهما وبين كثير من الصحابة وكلهم كانوا أولياء الله عز وجل.

قوله: " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه " فيه إشارة إلى إنه لا تقدم نافلة على فريضة وإنما سميت النافلة نافلة إذا قضيت الفريضة وإلا فلا يتناولها إسم النافلة ويدل على ذلك قوله: " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " لأن التقرب بالنوافل يكون بتلو أداء الفرائض ومتى أدام العبد التقرب بالنوافل أفضى ذلك به إلى أن يحبه الله عز وجل ثم قال: " فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به " إلى آخره فهذه علامة ولاية الله، لمن لم يكن قد أحبه، ومعنى ذلك أنه لا يسمع ما لم يأذن الشرع له بسماعه ولا يبصر ما لم يأذن الشرع له في إبصاره ولا يمد يده إلى شيء ما لم يأذن الشرع له في مدها إليه، ولا يسعى برجله إلا فيما أذن الشرع في السعي إليه، فهذا هو الأصل إلا أنه قد يغلب على عبد ذكر الله تعالى حتى يعرف بذلك فإن خوطب بغيره لم يكد يسمع لمن يخاطبه حتى يتقرب إليه بذكر الله غير أهل الذكر توصلاً إلى أن يسمع لهم وكذلك في المبصرات والمتناولات والمسعى إليه، وتلك صفة عالية نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.

قوله: " ولئن استعاذني لأعيذنه " يدل على أن العبد إذا صار من أهل حب الله تعالى لم يمتنع أن يسأل ربه حوائجه ويستعيذ به ممن يخافه والله تعالى قادر على أن يعطيه قبل أن يسأله وأن يعيذه قبل أن يستعيذه ولكنه سبحانه متقرب إلى عباده بإعطاء السائلين وإعاذة المستعيذين. وقوله: " استعاذني " ضبطوه بالنون والباء وكلاهما صحيح.

قوله في أول الحديث: " فقد آذنته بالحرب " بهمزة ممدودة أي أعلمته فإنه محارب لي. (kitab syarakh arba’in nabawy)

By Abi Naufal

JakaRTa  14-2-2012

Tidak ada komentar:

Posting Komentar

 

Majelis Ulama Indonesia

Dunia Islam

Informasi Kesehatan dan Tips Kesehatan

Total Tayangan Halaman