AL-INSAN AYAT 3
{ إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ
أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ
إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)
}
إنا خلقنا الإنسان من نطفة مختلطة من ماء
الرجل وماء المرأة، نختبره بالتكاليف الشرعية فيما بعد، فجعلناه من أجل ذلك ذا سمع
وذا بصر؛ ليسمع الآيات، ويرى الدلائل، إنا بينَّا له وعرَّفناه طريق الهدى والضلال
والخير والشر; ليكون إما مؤمنًا شاكرًا، وإما كفورًا جاحدًا.ALMUYASSAR.10/334
قوله جلّ ذكره : { إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ
مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } .
{ مِن نُّطْفَةٍ } : أي من قطرة ماءٍ ، { أَمْشَاجٍ
} : أَخلاط من بين الرجل والمرأة
.
ويقال : طوراً نطفة ، وطوراً عَلَقَة ،
وطوراً عَظْماً ، وطوراً لَحْماً
.
{ نَّبْتَلِيهِ } : نمتحنه ونختبره . وقد مضى معناه .
{ فَجَعَلْنَهُ سَمِيعاً بَصِيراً } .
{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً
وإِمَّا كَفُوراً } .
أي : عَرَّفْناه الطريقَ؛ أي طريقَ الخيرِ
والشرِّ .
وقيل : إمَّا للشقاوة ، وإمَّا للسعادة
، إمَّا شاكراً من أوليائنا ، وإما ان يكون كافراً من أعدائنا؛ فإنْ شَكَرَ فبالتوفيق
، وإنْ كَفَرَ فبالخذلان
.ALQUSYAIRY.8/7
{ إنا هديناه السبيل } أي بينا له سبيل الحق
والباطل والهدى والضلالة ، وعرفناه طريق الخير والشر ، وقيل معناه أرشدناه إلى الهدى
لأنه لا يطلق اسم السبيل إلا عليه والمراد من هداية السبيل نصب الدلائل ، وبعثه الرسل
وإنزال الكتب . { إما شاكراً وإما كفوراً } يعني إما موحداً طائعاً لله ، وإما مشركاً
بالله في علم الله وذلك أن الله تعالى بين سبيل التوحيد ليتبين شكر الإنسان من كفره
، وطاعته عن معصيته ، وقيل في معنى الآية إما مؤمناً سعيداً وإما كافراً شقياً . وقيل
معناه الجزاء أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر ، وقيل المراد من الشاكر الذي يكون مقراً
معترفاً بوجوب شكر خالقه سبحانه وتعالى عليه ، والمراد من الكفور الذي لا يقر بوجوب
الشكر عليه ثم بين ما للفريقين فوعد الشاكر.ALKHAZIN.6/198
شرح الكلمات :
{ هل أتى } : أي قد أتى .
{ على الإنسان } : أي آدم عليه السلام .
{ حين من الدهر } : أي أربعون سنة .
{ لم يكن شيئا مذكورا } : أي لا نباهة ولا رفعة له
لأنه طين لازب وحمأ مسنون وذلك قبل أن ينفخ الله تعالى فيه الروح .
{ أمشاج } : أي أخلاط من ماء المرأة وماء الرجل .
{ نبتليه } : أي نختبره بالتكاليف بالأمر والنهي عند
تأهله لذلك بالبلوغ والعقل .
{ إنا هديناه السبيل } : أي بينا له طريق الهدى ببعثة
الرسل وإنزال الكتب .
{ إنا أعتدنا } : أي هيأنا .
{ سلاسل } : أي يسحبون بها في نار جهنم .
{ وأغلالا } : أي في أعناقهم .
{ وسعيرا } : أي ناراً مسعرة مهيجة .
{ إن الأبرار } : أي المطيعين لله ورسوله الصادقين
في إيمانهم وأقوالهم وأحوالهم .
{ مزاجها } : أي ما تمزج به وتخلط .
{ يفجرونها } : أي يجرونها ويُسيلونها حيث شاءوا .
{ شره مستطيرا } : أي ممتدا طويلا فاشيا منتشرا .
{ عبوسا } : أي تكلح الوجوه من طوله وشدته . { نضرة
وسرورا } : أي حسنا ووضاءة في وجوههم وفرحاً في قلوبهم .
معنى الآيات :
قوله تعالى { هل أتى على الإِنسان حين من
الدهر لم يكن شيئا مذكورا } يخبر تعالى عن آدم أبي البشر عليه السلام أنه أتى عليه
حين من الدهر قد يكون أربعين سنة وهو صورة من طين لازب لا روح فيها ، فلم يكن في ذلك
الوقت شيئا له نباهة أو رفعة فيُذكر . هذا الإِنسان الأول آدم أخبر تعالى عن بدء أمره
. وقوله { إنا خلقنا الإِنسان من نطفة أمشاج } يخبر تعالى عن الإِنسان الذي هو ابن
آدم أنه خلقه من نطفة وهي ما ينطف ويقطر من ماء الرجل وماء المرأة ، ومعنى أمشاج أخلاط
من ماء الرجل وماء المرأة فهذا مبدأ خلق الإِنسان ابن آدم . وقوله { نبتليه } اي نختبره
بالتكاليف بالأمر والنهي وذلك عند تأهله لذلك بالبلوغ والعقل ولذلك جعله سميعا بصيرا
إذ بوجود السمع والبصر معاً أو بأحدهما يتم التكليف فإِن انعدما فلا تكليف لعدم القدرة
عليه .
وقوله تعالى { إنا هديناه السبيل } أي بيّنا
له طريق الهدى ببعثه الرسل وإنزال الكتب واستبان له بذلك أيضا طريق الغيّ والردى إذ
هما النجدان إن عرف أحدهما عرق الثاني وهو في ذلك إما أن يسلك سبيل الهدى فيكون شكورا
، وإما أن يسلك سبيل الغي والردى فيكون كفروا ، والشكور المؤمن الصادق في غيمانه المطيع
لربه ، والكفور المكذب بآيات الله ولقائه . وقوله تعالى { إنا اعتدنا للكافرين } الايات
شروع في بيان ما أعد لكل من سالكي سبيل الرشد وسالكي سبيل الغي فقال بادئا بما أعد
لسالكي سبيل الغي موجزا في بيان ما أعد لهم من عذاب بخلاف ما أعد لسالكي سبيل الرشد
فإِنه نعيم تفصيله محبوب والإِطناب في بيانه مرغوب فقال { إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا
وأغلالا } يسحبون بها في النار ، وأغلالا تغل بها أيديهم في أعناقهم وسعيرا متأججا
وجحيما مستعرا .
هذا موجز ما أعد لسالكي سبيل الغي أما سالكي
سبيل الرشد فقد بينه بقوله { إن الأبرار } أي المؤمنين المطيعين في صدق لله والرسول
{ يشربون من كأس } ملأى شرابا مزاجها كافورا ومزجت بالكافور لبرودته وبياض لونه وطيب
رائحته عينا يشرب بها عباد الله لعذوبة مائها وصفائه أصبحت كأنها أداة يشرب بها ولذا
قال يشرب بها ولم يقل يشرب منها وقوله يفجرونها تفجيرا أي يجرونها ويسيلونها حيث شاءوا
من غرفهم وقصورهم ومجالس سعادتهم . وقوله { يوفون بالنذر } قطع الحديث عن نعيمهم ليذكر
بعض فضائلهم ترغيبا في فعلهم ونعيمهم ، ثم يعود غلى عرض النعيم فقال { يوفون بالنذر
} اي كانوا في دار الدنيا يوفون بالنذر وهو ما يلتزمونه من طاعات لربهم كالصلاة والصيام
والحج والصدقات تقرباً إلى ربهم وتزلفا إليه ليحرزوا رضاه عنهم وتلك غاية مناهم . وقوله
ويخافون يوما مان شره مستطيرا اي وكانوا في حياتهم يخافون يوم الحساب يوم العقاب يوما
كان شره فاشيا منتشرا ومع ذلك يطعمون الطعام على حبه اي مع حبهم وشهوتهم له ورغبتهم
فيه ، يطعمونه مسكينا فقيرا مسكنه الفقر وأذلته الحاجة ، ويتيما لا عائل له ولا مال
عنده ، وأسيرا سجينا بعيد الدار نائي المزار لا يعرف له أصل ولا فصل يطعمونهم ولسان
حالهم أو قالهم يقول إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء تجازوننا به في يوم ما
من الأيام ولا شكورا ينالنا منكم . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا أي كالح الوجه مسود
ثقيلا طويلا لا يطاق . واستجاب الله لهم وحقق بفضله مناهم فوقاهم الله شر ذلك اليوم
العبوس القمطرير ، ولقاهم نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم وجزاهم بما صبروا على فعل
الصالحات وعن ترك المحرمات جنّة وحريرا ، وما سيذكر بعد في الايات التاليات .
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
1- بيان نشأة الإِنسان الأب والإِنسان الأبن وما تدل
عليه من إفضال الله وإكرامه لعباده
.
2- حاستا السمع والبصر وجودهما معاً أو وجود إحداهما
ضروري للتكليف مع ضميمة العقل .
3- بيان أن الإِنسان أمامه طريقن فلليسلك أيهما شاء
وكل طريق ينتهي به إلى غاية فطريق الرشد يوصل إلى الجنة دار النعيم ، وطريق الغي يوصل
إلى دار الشقاء الجحيم .
4- وجوب الوفاء بالنذر فمن نذر شيئا لله وجب أن يفي
بنذره إلا أن ينذر معصية فلا يجوز له الوفاء بنذره فيها فمن قال لله على أن أصوم يوم
أو شهر كذا وجب عليه أن يصوم ومن قال لله علي أن لا أصل رحمي ، أو أن لا أصلي ركعة
مثلا فلا يجوز له الوفاء بنذره وليصل رحمه وليصل صلاته ولا كفارة عليه .
5- الترغيب في إطعام الطعام للمحتاجين إليه من فقير
ويتيم وأسير .AISARUT
TAFASIR.4/342-343.(31/12/2013).BY ABI AZMI
Tidak ada komentar:
Posting Komentar