AMAL MA’RUF NAHI MUNKAR
المعروف لغة:
المعروف: كالعرف وهو ما تعرفه النّفس من
الخير وتطمئنّ إليه، وقوله تعالى: وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً (لقمان/
5) أي مصاحبا معروفا، قال الزّجّاج: المعروف هنا ما يستحسن من الأفعال.
وقوله- عزّ وجلّ-: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
(المرسلات/ 1) قال بعض المفسّرين فيها: إنّها (الملائكة) أرسلت بالعرف والإحسان، وقيل:
هو مستعار من عرف الفرس أي يتتابعون كعرف الفرس.
والعرف، والمعروف واحد ضدّ النّكر. وقد
تكرّر ذكر المعروف في الحديث، وهو من الصّفات الغالبة أي أمر معروف بين النّاس إذا
رأوه لا ينكرونه. والمعروف:
النّصفة وحسن الصّحبة مع الأهل وغيرهم من
النّاس، والمنكر ضدّ ذلك جميعه «1».
المنكر لغة:
النّكر والنّكراء: الدّهاء والفطنة. ورجل
نكر ونكر ونكر ومنكر من قوم مناكير: داه فطن. وامرأة نكراء، ورجل منكر داه، والإنكار:
الجحود. والنّكرة:
إنكارك الشّيء، وهو نقيض المعرفة. قال ابن
سيده:
والصّحيح أنّ الإنكار المصدر والنّكر الاسم.
وفي التّنزيل العزيز: نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً (هود/ 70).
والإنكار: الاستفهام عمّا ينكره. والاستنكار:
استفهامك أمرا تنكره.
والمنكر من الأمر: خلاف المعروف، وقد تكرّر
في الحديث الإنكار والمنكر، وهو ضدّ المعروف، وكلّ ما قبّحه الشّرع وحرّمه وكرهه، فهو
منكر، واستنكره فهو مستنكر، والجمع مناكير. والنّكير والإنكار:
تغيير المنكر. «2»
المعروف اصطلاحا:
اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه والتّقرّب
إليه، والإحسان إلى النّاس، وكلّ ما ندب إليه الشّرع، ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات.
والمنكر اصطلاحا:
كلّ ما قبّحه الشّرع وحرّمه ونهى عنه
«3».
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: الأمر بالمعروف: هو الإرشاد
إلى المراشد المنجّية.
والنّهي عن المنكر: الزّجر عمّا لا يلائم
في الشّريعة.
وقيل: الأمر بالمعروف الدّلالة على الخير.
والنّهي عن المنكر: المنع عن الشّرّ.
وقيل: الأمر بالمعروف: أمر بما يوافق الكتاب
والسّنّة.
__________
1- وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) «1»
2- كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ
أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ
(110)
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ
يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111)
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ
ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ
مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ
بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا
يَعْتَدُونَ (112)
لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ
أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ
(113)
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ
وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)
وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) «2»
3- لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ
أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ
ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) «3»
4- وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي
الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي
كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا
النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) «4»
5- خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ
عَنِ الْجاهِلِينَ (199)
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ
نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) «5»
6- وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ
__________ (1) آل عمران: 104 مدنية
(2) آل عمران: 110- 115 مدنية
(3) النساء: 114 مدنية
(4) الأعراف: 156- 157 مكية
(5) الأعراف: 199- 200 مكية
1-* (عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت:
سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
يقول: «مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم»)* «1»
2-* (عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: انتهيت
إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في قبّة من أدم حمراء في نحو أربعين رجلا. فقال:
«إنّه مفتوح لكم، وأنتم منصورون مصيبون، فمن أدرك ذلك منكم فليتّق اللّه وليأمر بالمعروف،
ولينه عن المنكر، وليصل رحمه، ومثل الّذي يعين قومه على غير الحقّ كمثل البعير يتردّى
فهو يمدّ بذنبه»)* «2».
3-* (عن أبي أميّة الشّعبانيّ، قال: أتيت أبا ثعلبة الخشنيّ،
فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية¿
قال: أيّة آية؟ قلت: قوله تعالى يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ
(المائدة/ 105) قال: أما واللّه لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول اللّه صلّى اللّه
عليه وسلّم قال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا،
وهوى متّبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بخاصّة نفسك ودع العوامّ،
فإنّ من ورائكم أيّاما الصّبر فيهنّ مثل القبض على الجمر، للعامل فيهنّ مثل أجر خمسين
رجلا يعملون مثل عملكم» قال ابن المبارك وزادني غير عتبة: قيل يا رسول اللّه: أجر خمسين
منّا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم»)* «3»
4-* (عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- أنّ ناسا من أصحاب النّبيّ
صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا للنّبيّ صلّى اللّه عليه سلّم: يا رسول اللّه، ذهب أهل
الدّثور «4» بالأجور، يصلّون كما نصلّي ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضول أموالهم.
قال: «أو ليس قد جعل اللّه لكم ما تصّدّقون؟ إنّ بكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة،
وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع
أحدكم صدقة» قالوا: يا رسول اللّه: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم
لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»)* «5»
5-* (عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أوّل ما دخل النّقص على بني إسرائيل كان الرّجل
يلقى الرّجل فيقول: يا هذا اتّق اللّه ودع ما تصنع فإنّه لا يحلّ لك¡
__________
32-* (عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما-
أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، رأى خاتما من ذهب في يد رجل. فنزعه فطرحه وقال:
«يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده» فقيل للرّجل بعد ما ذهب رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم: خذ خاتمك انتفع به. قال: لا، واللّه لا آخذه أبدا. وقد طرحه رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم)* «5».
33-* (عن أبي واقد اللّيثيّ- رضي اللّه عنه- أنّ رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا خرج إلى حنين مرّ بشجرة للمشركين يقال لها: ذات أنواط
يعلّقون عليها أسلحتهم، فقالوا يا رسول اللّه اجعل لنا ذات أنواط «6» كما لهم ذات أنواط،
فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«سبحان اللّه، هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، والّذي
نفسي بيده لتركبنّ سنّة من كان قبلكم»)* «7».
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر)
1-* (دخل معاوية يوما مسجد دمشق وجلس على المنبر. فناداه
أبو مسلم الخولانيّ قائلا: يا معاوية إنّما أنت قبر من القبور، إن جئت بشيء كان لك
شيء، وإن لم تجأ بشيء لك. يا معاوية لا تحسبنّ الخلافة جمع المال وتفرّقه، ولكنّ الخلافة
العمل بالحقّ، والقول بالمعدلة، وأخذ النّاس في ذات اللّه- عزّ وجلّ-، يا معاوية إنّنا
لا نبالي بكدر الأنهار ما صفا لنا رأس عيننا، وأنت رأس عيننا. يا معاوية إيّاك أن تحيف
على قبيلة من قبائل العرب، فيذهب حيفك بعدلك»)* «8».
2-* (قالت أمّ الدّرداء: من وعظ أخاه سرّا فقد زانه،
ومن وعظه علانية فقد شانه»)* «9».
3-* (قال حذيفة- رضي اللّه عنه- الإسلام ثمانية أسهم،
الصّلاة سهم، والزّكاة سهم، والجهاد سهم، وصوم رمضان سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنّهي
عن المنكر سهم، والإسلام «10» سهم¡
__________
من فوائد (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
(1) دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام.
(2) الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر صمام أمن الحياة
وضمان سعادة الفرد والمجتمع.
(3) يثبّت معاني الخير والصّلاح في الأمّة.
(4) يزيل عوامل الشّرّ والفساد من حياتها ويقضي عليها
أوّلا فأوّلا حتّى تسلم الأمّة وتسعد.
(5) يهيّأ الجوّ الصّالح الّذي تنمو فيه الآداب والفضائل
وتختفي فيه المنكرات والرّذائل ويتربّى في ظلّه الضّمير العفيف والوجدان اليقظ.
(6) يكوّن الرّأي العامّ المسلم الحرّ الّذي يحرس آداب
الأمّة وفضائلها وأخلاقها وحقوقها ويجعل لها شخصيّة وسلطانا هو أقوى من القوّة وأنفذ
من القانون.
(7) يبعث الإحساس بمعنى الأخوّة والتّكافل والتّعاون
على البرّ والتّقوى واهتمام المسلمين بعضهم ببعض.
(8) هو سبب النّجاة في الدّنيا والآخرة.
(9) هو سرّ أفضليّة هذه الأمّة. لقوله تعالى كُنْتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (آل عمران/ 110).
(10) هو سبب للنّصر والتّمكين في الدّنيا.
__________
(1) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للخلّال (50).
(2) المرجع السابق (40).
(3) تنبيه الغافلين لابن النحاس (45، 46).NADHRATUN NA’IM..3/539.BY ABI FAID
Tidak ada komentar:
Posting Komentar