قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى
إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ
(70) AL-Anbiya'
{ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَانْصُرُواْ ءَالِهَتَكُمْ
إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } وفي الذي أشارعليهم بذلك قولان :
أحدهما : أنه رجل من أعراب فارس يعني أكراد
فارس ، قاله ابن عمر ، ومجاهد . وابن جريج .
الثاني : أنه هيزون فخسف الله به الأرض
وهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . وقيل إن إبراهيم حين أوثق ليلقى في النار فقال
: لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين ، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك .
وقال عبد الله بن عمر : كانت كلمة إبراهيم
حين أُلقي في النار : حسبي الله ونعم الوكيل .
قال قتادة : فما أحرقت النار منه إلا وثاقه .
قال ابن جريج : ألقي إبراهيم في النار وهو
ابن ست وعشرين سنة .
وقال كعب : لم يبق في الأرض يومئذ إلا من
يطفىء عن إبراهيم النار ، إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه ، فلذلك أمر النبي صلى الله
عليه وسلم بقتلها .
قال الكلبي : بنواْ له أتوناً ألقوه فيه
، وأوقدوا عليه النار سبعة أيام ، ثم أطبقوه عليه وفتحوه من الغد ، فإذا هو عرق أبيض
لم يحترق ، وبردت نار الأرض فما أنضجت يومئذ كراعاً .
قوله تعالى : { قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي
بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ } جعل الله فيها برداً يدفع حرها ، وحراً يدفع
بردها ، فصارت سلاماً عليه .
قال أبو العالية : ولو لم يقل « سلاماً
» لكان بردها أشد عليه من حرها ، ولو لم يقل « على إبراهيم » لكان بردها باقيا على
الأبد .AL-MAWARDY.3/84
لما بطلت حجتهم وظهر الحق عدلوا إلى استعمال
سلطانهم، وقالوا: حَرِّقوا إبراهيم بالنار; غضبًا لآلهتكم إن كنتم ناصرين لها. فأشْعَلوا
نارًا عظيمة وألقوه فيها، فانتصر الله لرسوله وقال للنار: كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم،
فلم يَنَلْه فيها أذى، ولم يصبه مكروه.AL-MUYASSAR.5/485
أجمعوا رأيهم - لما غلبوا - بإهلاكه؛ وهكذا
المبطل إذا قرعت شبهته بالحجة وافتضح ، لم يكن أحد أبغض إليه من المحق . ولم يبق له
مفزع إلا مناصبته ، كما فعلت قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم حين عجزوا عن المعارضة
والذي أشار بإحراقه نمروذ . وعن ابن عمر رضي الله عنهما : رجل من أعراب العجم يريد
الأكراد . وروي : أنهم حين هموا بإحراقه ، حبسوه ثم بنوا بيتاً كالحظيرة بكوثى ، وجمعوا
شهراً أصناف الخشب الصلاب ، حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول : إن عافاني الله لأجمعنّ
خطباً لإبراهيم عليه السلام ، ثم أشعلوا ناراً عظيمة كادت الطير تحترق في الجوّ من
وهجها . ثم وضعوه في المنجنيق مقيداً مغلولاً فرموا به فيها ، فناداها جبريل عليه السلام
{ قُلْنَا يانار كُونِى بَرْداً وسلاما } ويحكى . ما أحرقت منه إلا وثاقه . وقال له
جبريل عليه السلام حين رمي به : هل لك حاجة؟ فقال : أما إليك فلا . قال : فسل ربك
. قال : حسبي من سؤالي علمه بحالي . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنما نجا بقوله
: حسبي الله ونعم الوكيل ، وأطل عليه نمروذ من الصرح فإذا هو في روضة ومعه جليس له
من الملائكة ، فقال : إني مقرّب إلى إلهك ، فذبح أربعة آلاف بقرة وكفّ عن إبراهيم ،
وكان إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه إذ ذاك ابن ست عشرة سنة . واختاروا المعاقبة بالنار
لأنها أهول ما يعاقب به وأفظعه ، ولذلك جاء :
( 697 ) « لا يعذب بالنار إلا خالقها » ومن ثم قالوا : { إِن
كُنتُمْ فاعلين } أي إن كنتم ناصرين آلهتكم نصراً مؤزراً ، فاختاروا له أهول المعاقبات
وهي الإحراق بالنار ، وإلا فرّطتم في نصرتها . ولهذا عظموا النار وتكلفوا في تشهير
أمرها وتفخيم شأنها ، ولم يألوا جهداً في ذلك . جعلت النار لمطاوعتها فعل الله وإرادته
كمأمور أمر بشيء فامتثله . والمعنى : ذات برد وسلام ، فبولغ في ذلك ، كأن ذاتها برد
وسلام . والمراد : ابردي فيسلم منك إبراهيم . أو ابردي برداً غير ضارّ . وعن ابن عباس
رضي الله عنه : لو لم يقل ذلك لأهلكته ببردها . فإن قلت : كيف بردت النار وهي نار؟
قلت : نزع الله عنها طبعها الذي طبعها عليه من الحرّ والإحراق ، وأبقاها على الإضاءة
[ والإشراق ] والاشتعال كما كانت ، والله على كل شيء قدير . ويجوز أن يدفع بقدرته عن
جسم إبراهيم عليه السلام أذى حرّها ويذيقه فيها عكس ذلك ، كما يفعل بخزنة جهنم ، ويدل
عليه قوله : { على إبراهيم } وأرادوا أن يكيدوه ويمكروا به ، فما كانوا إلا مغلوبين
مقهورين غالبوه بالجدال فغلبه الله ولقنه بالمبكت ، وفزعوا إلى القوّة والجبروت ، فنصره
وقوّاه.AZZAMAKHSYARY.4/243
{ قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً } باردة من
حرك { وسلاما } سليمة من البرد { على إِبْرَاهِيمَ } ولو لم يقل سلاماً لأحرقه البرد.IBNU
ABBAS.1/341
وما ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة
: من أنه أمر النار بأمره الكوني القدري أن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم يدل على
أنه أنجاه من تلك النار . لأن قوله تعالى : { كُونِي بَرْداً } يدل على سلامته من حرِّها
. وقله : { وَسَلاَمَا } . يدل على سلامته من شرِّ بردها الذي انقلبت الحرارة إليه
. وانجاؤه إياه منها الذي دل عليه أمره الكوني القدري هنا جاء مصرحاً به في « العنكبوت
» في قوله تعالى : { فَأَنْجَاهُ الله مِنَ النار } [ العنكبوت : 24 ] وأشار إلى ذلك
هنا بقوله : { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً } [ الأنبياء : 71 ] الآية .ASYANGQITY.4/237
قال عز وجل : { قلنا } يعني { يا نار كوني
بردا وسلاما على إبراهيم } قال ابن عباس : لو لم يقل سلاما لمات إبراهيم من بردها ،
وفي بعض الآثار أنه لم يبق يومئذ نار في الأرض إلا طفئت فلم ينتفع في ذلك اليوم بنار
في العالم ، ولو لم يقل على إبراهيم بقيت ذات برد أبدا ، وقيل : أخذت الملائكة بضبعي
إبراهيم فأقعدوه على الأرض فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس . قال كعب : ما أحرقت
النار من إبراهيم إلا وثاقه قالوا : وكان إبراهيم في ذلك الموضع سبعة أيام ، قاله المنهال
بن عمرو وقال إبراهيم : ما كنت أياما قط أنعم مني من الإيام التي كنت في النار . وقيل
: وبعث الله تعالى ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد إلى جنب إبراهيم يؤنسه . قالوا :
وبعث الله عز وجل جبريل بقميص من حرير الجنة وطنفسة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة
وقعد معه يحدثه ، وقال جبريل : يا إبراهيم إن ربك يقول : أما علمت أن النار لا تضر
أحبائي . ثم نظر نمرود وأشرف على إبراهيم من صرح له فرأه جالسا في روضة والملك قاعد
إلى جنبه وما حوله نار تحرق الحطب ، فناداه يا إبراهيم كبير إلهك الذي بلغت قدرته أن
حال بينك وبين النار يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها قال نعم . قال : هل تخشى إن
قمت أن تضرك قال لا . قال : فقم فاخرج منها فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها فلما
وصل إليه قال له إبراهيم من الرجل الذي رأيته معك مثلك في صورتك قاعدا إلى جنبك؟ قال
: ذلك ملك الظل أرسله إلى ربي ليؤنسني فيها فقال نمرود يا إبراهيم إني مقرب إلى إلهك
قربانا لما رأيت من قدرته وعزته فيما صنع بك حين أبيت إلا عبادته وتوحيده وإني ذابح
له أربعة آلاف بقرة .AL-KHAZIN.4/404
JAKARTA 3/6/2013
Tidak ada komentar:
Posting Komentar