أركان الإسلام :
أركان الإسلام خمسة بينها رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله
» (1) . ويدل على هذا حديث جبريل المتقدم وفيه أنه قال : « يا محمد ! أخبرني عن الإسلام
، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان وتحج البيت إن
استطعت إليه سبيلا . قال : صدقت » . . . إلخ) (2) .
معنى الشهادتين :
*معنى شهادة أن لا إله إلا الله : أي لا معبود بحق إلا الله .
*ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله : طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر
به واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .
_________
(1) صحيح البخاري ، حديث برقم (8) ، وصحيح مسلم حديث
برقم (16) .
(2) تقدم متفق عليه : صحيح البخاري حديث برقم (8) ،
وصحيح مسلم حديث برقم (8) .
المبحث الثاني : الإيمان وأركانه
وبيان حكم مرتكب الكبيرة
تعريفه :
الإيمان لغة : التصديق والإقرار .
وشرعًا : اعتقاد بالقلب وإقرار باللسان
وعمل بالجوارح .
أركانه وأدلته :
أركان الإيمان ستة يدل عليها قول الله تعالى
: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ } (البقرة : 177)
.
ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عندما سأل
النبي صلى الله عليه وسلم وقال : « أخبرني عن الإيمان ، قال : (أن تؤمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره . قال : صدقت » . . . إلخ) (1) .
زيادة الإيمان ونقصانه :
دل الكتاب والسنة على أن الإيمان يزيد بالطاعة
وينقص بالمعصية .
_________
(1) متفق عليه : صحيح البخاري حديث برقم (50) ، وصحيح
مسلم حديث برقم (8) .
فالدليل من الكتاب قول الله تعالى : { وَالَّذِينَ
اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } (محمد : 17) . وقال تعالى :
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا
تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
} (الأنفال : 2) .
وقال تعالى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ
فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } (الفتح :
4) .
ومن السنة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلِّم : « يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان » (1) . وكذلك قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان » (2) .
حكم مرتكب الكبيرة :
كبائر الذنوب نوعان : مكفّر وغير مكفر
. فأما المكفر فهو الشرك بالله لأنه أعظم ذنبا عُصي به الله والنفاق الاعتقادي وسب
الله ورسوله ونحو ذلك .
_________
(1) صحيح البخاري حديث برقم (7510) ، صحيح مسلم حديث
برقم (193) .
(2) صحيح مسلم كتاب الإيمان حديث رقم (57) .
والنوع الثاني كبائر غير مكفّرة ولا يخرج
مرتكبها من الملة إلا إذا استحلها . وهي سائر الذنوب التي دون الكفر كالربا والقتل
والزنا ونحو ذلك .
وقد دل الكتاب والسنة على أن مرتكب الكبيرة
غير المكفّرة مؤمن ناقص الإيمان ، ويسمى فاسقًا وعاصيًا .
وحكمه في الآخرة أنه تحت المشيئة فإن شاء
الله غفر له برحمته وإن شاء عذبه بعدله وهو مع هذا لا يخلد في النار إذا عُذب بل مآله
إلى الجنة بما معه من التوحيد والإيمان . قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ
أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } (النساء : 116) .
وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم أنه قال : « يخرج من النار من قال لا إله
إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه
وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير
» (1) .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (44) ، وصحيح مسلم برقم (192) .
وهذا الذي دلت عليه النصوص هنا هو الذي
عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم على الخير والهدى في حكم مرتكب الكبيرة
وهو المنهج الوسط بين الغلو في هذا الباب وهو مذهب الخوارج قديمًا وحديثًا الذين يكفرون
مرتكب الكبيرة ويخرجونه من الملة ويستبيحون دمه ويعتقدون أنه يوم القيامة خالد مخلد
في النار ، وبين أهل التقصير الذين يرون أن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان ولا يفرقون
بين مرتكب الكبيرة وبين المؤمن الكامل الذي أدى الطاعات وتجنب المحرمات كما هو مذهب
غلاة المرجئة .
الأدلة على أن مرتكب الكبيرة ليس بكافر :
دل القرآن والسنة على أن مرتكب الكبيرة
ليس بكافر .
فمن القرآن قوله تعالى : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ }{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (الحجرات : 9 ، 10) . ووجه الدلالة من
الآيتين هو أن الله أثبت الإيمان لمرتكبي معصية الاقتتال من المؤمنين والباغي من بعض
الطوائف على بعض وهي من الكبائر وجعلهم إخوة وأمر تعالى المؤمنين بالإصلاح بين إخوتهم
في الإيمان .
ومن السنة ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : « يدخل أهل الجنة
الجنة ، يدخل من يشاء برحمته ، ويدخل أهل النار النار ثم يقول : انظروا من وجدتم في
قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان فأخرجوه » . . ) (1) .
_________
(1) صحيح مسلم كتاب الإيمان باب الشفاعة وإخراج الموحدين
من النار حديث رقم 184 .
ووجه الدلالة من الحديث هو عدم تخليد مرتكبي
الكبائر في النار حيث يخرج منها من كان في قلبه أدنى شيء من الإيمان كما يدل الحديث
على تفاوت أهل الإيمان على حسب أعمالهم وأنه يزيد وينقص بحسب ما يترك المؤمن من واجبات
أو يرتكب من محظورات .
المبحث الثالث : الإحسان
تعريفه :
الإحسان معناه مراقبة الله تعالى في السر
والعلن مراقبة من يحبه ويخشاه ويرجو ثوابه ويخاف عقابه بالمحافظة على الفرائض والنوافل
واجتناب المحرمات والمكروهات . والمحسنون هم السابقون بالخيرات المتنافسون في فضائل
الأعمال .
أدلته :
من الكتاب قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } (النحل : 128) .
ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عليه السلام
أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فقال : أخبرني عن الإحسان . فقال صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « أن تعبد الله كأنك تراه فإن تكن تراه فإنه يراك »
(1) .
_________
(1) تقدم تخريجه ص113 .
المبحث الرابع
العلاقة بين الإسلام والإيمان والإحسان
جاء ذكر الإسلام والإيمان والإحسان في حديث
جبريل ومجيئه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم وسؤاله عن هذه الأمور الثلاثة
فأجاب عن الإسلام بامتثال الأعمال الظاهرة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول
الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وعن الإيمان بالأمور الباطنة الغيبية
، وهي : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ، وعن
الإحسان بمراقبة الله في السر والعلانية ، فقَال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن
تراه فهو يراك .
فإذا ذكرت هذه الأمور الثلاثة مجتمعة كان
لكل واحد منها معنى خاص ، فيقصد بالإسلام الأعمال الظاهرة ويقصد بالإيمان الأمور الغيبية
. ويقصد بالإحسان أعلى درجات الدين وإذا انفرد الإسلام دخل فيه الإيمان وإذا انفرد
الإيمان دخل فيه الإسلام وإذا انفرد الإحسان دخل فيه الإسلام والإيمان .1/340347
المطلب الأول : الإيمان بنعيم القبر وعذابه
وأدلة ذلك :
الإيمان بنعيم القبر لأهل الطاعة وبعذاب
القبر لمن كان مستحقا له من أهل المعصية والفجور من أصول الإيمان التي دلت عليها نصوص
الكتاب والسنة .
فمن أدلة الكتاب على نعيم القبر قول الله
تعالى : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } (إبراهيم : 27) ، فدلت الآية على تثبيت الله تعالى للمؤمنين
عند السؤال في القبر وما يتبع ذلك من النعيم . أخرج البخاري من حديث البراء بن عازب
رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم أنه قال : « إذا أقعد المؤمن
في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله : { يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ }» (1) . ودليل عذاب القبر من القرآن
قول الله تعالى : { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ }{ النَّارُ يُعْرَضُونَ
عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذَابِ } (غافر : 45 ، 46) ، قال القرطبي : (الجمهور على أن هذا العرض
يكون في البرزخ وهو حجة في تثبيت عذاب القبر) . وقال الحافظ ابن كثير : (وهذه الآية
أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور) (2) .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (1369) .
(2) تفسير ابن كثير ح7 / 136 .
كما دل على عذاب القبر من القرآن أيضا قوله
تعالى : { سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ }
(التوبة : 101) ، فقد استدل بها كثير من السلف على عذاب القبر ، فعن مجاهد أنه قال
في تفسير الآية : (بالجوع وعذاب القبر ، قال : " ثم يردون إلى عذاب عظيم
" يوم القيامة) . وعن قتادة قال : (عذاب الدنيا وعذاب القبر ثم يردون إلى عذاب
عظيم) ، وقد استدل بهذه الآية والتي قبلها على عذاب القبر الإمام البخاري في ترجمته
للأحاديث في عذاب القبر (1) .
_________
(1) صحيح البخاري باب ما جاء في عذاب القبر ، فتح الباري
(3 / 231) .
وأما ما جاء في السنة من الأدلة على نعيم
القبر وعذابه فكثير جدا من ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : « إن أحدكم إذا مات عرض
عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار
فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة » (1) . وفي صحيح مسلم من
حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : « لولا أن
لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر » (2) . والأدلة على هذا كثيرة من الكتاب
والسنة وقد ذكرت ما يستدل به في إثبات عذاب القبر ونعيمه ، والله أعلم .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (1379) ، وصحيح مسلم برقم
(2866) .
(2) صحيح مسلم برقم (2868) .
المطلب الثاني : وقوع نعيم القبر وعذابه
على الروح والجسد معا :
نعيم القبر وعذابه يكون للروح والبدن جميعا
، فتنعم الروح أو تعذب متصلة بالبدن فيكون النعيم والعذاب عليهما جميعا كما أنه قد
تنعم الروح أو تعذب أحيانا منفصلة عن البدن ، فيكون النعيم أو العذاب للروح منفردا
عن البدن . وقد دلت على هذا النصوص وعليه اتفق أهل السنة والجماعة ، خلافا لمن زعم
أن عذاب القبر ونعيمه يكون للروح فقط على كل حال ولا يتعلق بالبدن .
فمن الأدلة على ذلك حديث أنس بن مالك الذي
أخرجه البخاري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال : « إن العبد إذا
وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان
: ما كنت تقول في هذا الرجل ( لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم) فأما المؤمن
فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله
به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا . وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا
الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال : لا دريت ولا تليت ، ويضرب
بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين » (1) .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (1338) .
وفي حديث البراء بن عازب الطويل الذي أخرجه
أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم مرفوعا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم قال
بعد أن ذكر خروج الروح وصعود روح المؤمن إلى السماء : « فتعاد روحه في جسده فيأتيه
ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك » (1) الحديث ، وقد صحح هذا الحديث الحاكم وغيره .
فدل الحديثان على وقوع النعيم أو العذاب
في القبر على الروح والجسد جميعا ففي قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم
: « إن العبد إذا وضع في القبر » دلالة ظاهرة على هذا إذ لفظ (العبد) مسمى للروح والجسد
جميعا ، وكذلك تصريحه بإعادة الروح إلى الجسد عند السؤال كما في حديث البراء بن عازب
هذا مع ما جاء في الحديثين من الألفاظ التي هي من صفات الجسد كقوله : « يسمع قرع نعالهم
» (فيقعدانه) ، « ويضرب بمطارق من حديد »« فيصيح صيحة » ، فإن هذا كله يفيد أن ما يحصل
في القبر من النعيم أو العذاب متعلق بالروح والجسد جميعهما .
_________
(1) مسند الإمام أحمد 4 / 287 ، وسنن أبي داود 5 /
75 برقم (4753) ، والمستدرك : 1 / 37- 38 .
هذا مع أنه قد جاء في بعض النصوص ما يفيد
أن النعيم أو العذاب قد يقع على الروح منفردة في بعض الأحوال على ما جاء في حديث عبد
الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم
: « لما أصيب إخوانكم يعني يوم أحد - جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار
الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش » (1) .
فتلخص من هذا أن النعيم والعذاب يقع على
الروح والجسد جميعا في القبر وقد تنفرد الروح بهذا أحيانا . قال بعض الأئمة المحققين
في السنة في تقرير هذه المسألة : (والعذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل
السنة والجماعة ، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن ، وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل
بها ، فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحال مجتمعتين كما يكون للروح منفردة عن
البدن) .
_________
(1) أخرجه أحمد في المسند 1 / 266 ، والحاكم في المستدرك
2 / 88 ، 297 ، وصححه ووافقه الذهبي
.1/297-303.USHULUL IMAN FI DHOIIL KITAB WASUNNAH
JAKARTA 31/5/2013