ALLAH SWT MAHA TAHU YANG GHAIB
المبحث الخامس :
ادعاء علم الغيب وما يلحق به
الغيب هو كل ما غاب عن العقول والأنظار
من الأمور الحاضرة والماضية والمستقبلة ، وقد استأثر الله عز وجل بعلمه واختص نفسه
سبحانه بذلك .
قال الله تعالى : { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ } (النمل : 65) ، وقال تعالى
: { لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } (الكهف : 26) ، وقال تعالى : { عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ } (الرعد : 9) .
فلا يعلم الغيب أحد إلا الله ، لا ملك مقرب
ولا نبي مرسل فضلا عمن هو دونهما
.
قال الله تعالى عن نوح عليه السلام : {
وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ } (هود
: 31) ، وقال تعالى عن هود عليه السلام : { قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ
وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ } (الأحقاف : 23) ، وقال تعالى لنبيه محمد عليه
الصلاة والسلام : { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ
الْغَيْبَ } (الأنعام : 50) ، وقال تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا
ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ
إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }{ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } (البقرة : 31- 32) .
ثم إنه سبحانه قد يطلع بعض خلقه على بعض
الأمور المغيبة عن طريق الوحي ، كما قال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ
عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا }{ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ
بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا }{ لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ
رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } (الجن :
26-28) ، وهذا من الغيب النسبي الذي غاب علمه عن بعض المخلوقات دون بعض ، أما الغيب
المطلق فلا يعلمه إلا هو سبحانه ، ومن ذا الذي يدعي علمه وقد استأثر الله به .
ولهذا فإن الواجب على كل مسلم أن يحذر من
الدجاجلة والكذابين المدعين لعلم الغيب المفترين على الله ، الذين ضلوا في أنفسهم وأضلوا
كثيرا وضلوا عن سواء السبيل ، كالسحرة والكذابين والمنجمين ، وغيرهم .
وفيما يلي عرض لجملة من أعمال هؤلاء التي
يدعون بها علم الغيب ، ويضلون بها عوام المسلمين وجهالهم ، ويفسدون بها عقيدتهم وإيمانهم .
1 - السحر : وهو في اللغة ما خفي ولطف سببه .
وفي الاصطلاح هو عزائم ورقى وعقد يؤثِّر
في القلوب والأبدان ، فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه بإذن الله ، وهو كفر ، والساحر
كافر بالله العظيم ، وما له في الآخرة من خلاق ، قال الله تعالى : { وَاتَّبَعُوا مَا
تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ
الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ
بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ
بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ
اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (البقرة : 102) .
ومنه النفث في العقد ، قال الله تعالى
: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ }{ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ }{ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ
إِذَا وَقَبَ }{ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ }{ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ
إِذَا حَسَدَ } .
2 - التنجيم : وهو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث
الأرضية التي لم تقع ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : « من اقتبس علما من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد » ، رواه أبو
داود (1) .
3 - زجر الطير والخط في الأرض : فعن قطن بن قبيصة عن
أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « العيافة والطيرة والطرق من
الجبت » (2) ، أي من السحر ، والعيافة زجر الطير والتفاؤل والتشاؤم بأسمائها وأصواتها
وممرها ، والطرق الخط يخط في الأرض ، أو الضرب بالحصى وادعاء علم الغيب .
4 - الكهانة : وهي ادعاء علم الغيب ، والأصل فيها استراق
الجن السمع من كلام الملائكة فتلقيه في أذن الكاهن .
_________
(1) سنن أبي داود برقم (3905) .
(2) سنن أبي داود برقم (3907) ، ومسند أحمد (3 /
477) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى
الله عليه وسلم » رواه أبو داود وأحمد والحاكم (1) .
5 - كتابة حروف أبا جاد : وذلك بأن يجعل لكل حرف منها
قدرا معلوما من العدد ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمنة والأمكنة ، ثم يحكم عليها
بالسعود أو النحوس ونحو ذلك .
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون
أبا جاد ، وينظرون في النجوم : ((ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق)) ، رواه عبد
الرزاق في المصنف (2) .
6 - القراءة في الكف والفنجان ونحو ذلك مما يدعي به
بعض هؤلاء معرفة الحوادث المستقبلة من موت وحياة وفقر وغنى وصحة ومرض ونحو ذلك .
7 - تحضر الأرواح : ويزعم أربابه أنهم يستحضرون أرواح
الموتى ويسألونها عن أخبار الموتى من نعيم وعذاب وغير ذلك ، وهو نوع من الدجل والشعوذة
الشيطانية ، ويراد منها إفساد العقائد والأخلاق والتلبيس على الجهال وأكل أموالهم بالباطل
والتوصل إلى دعوى علم الغيب .
8 - التطير : وهو التشاؤم بالسوانح والبوارح من الطير
والظباء وغيرها ، وهذا باب من الشرك وهو من إلقاء الشيطان وتخويفه .
_________
(1) سنن أبي داود (3904) ، ومسند أحمد (2 / 429) ، المستدرك
(1 / 50) قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
(2) المصنف (11 / 26) .
فعن عمران بن حصين مرفوعا : « ليس منا من
تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما
يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » ، رواه البزار (1) .
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين ،
ويمنحهم الفقه في الدين ، ويعيذهم من خداع المجرمين وتلبيس أولياء الشياطين .
_________
(1) مسند البزار (9 / 52) (3578) ، وقال الهيثمي في
مجمع الزوائد (5 / 117) رجاله رجال الصحيح .ushul..1/89-95.(12/1/2014)BY ABI AZMAN
Tidak ada komentar:
Posting Komentar