قوله جلّ ذكره : { ألَهَاكُمُ التَكَاثُرُ
حَتَّى زُرْتُمُ المَقَابِرَ } .ATTAKATSUR
أي : شَغَلَكم تَفَاخُرُكم فيما بينكم إلى
آخر أعماركم إلى أَنْ مِتُّم .
ويقال : كانوا يفتخرون بآبائهم وأسلافهم؛
فكانوا يشيدون بذكر الأحياء ، وبمن مضى من أسلافهم .
فقال لهم : شَغَلكم تفاخركم فيما بينكم
حتى عَدَدْتم أمواتكم أحيائِكم .
وأنساكم تكاثركم بالأموال والأولاد طاعةَ
الله .
{ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } .
على جهة التهويل .
{ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ } .
أي : لو علمتم حقَّ اليقين لارتدعتم عمَّا
أنتم فيه من التكذيب .
{ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ
لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } .
أراد جميعَ ما أعطاهم اللَّهُ من النعمة
، وطالَبهم بالشكر عليها .
ومن النعيم الذي يُسَألُ عنه العبد تخفيفُ
الشرائع؛ والرُّخَصُ في العبادات .
ويقال : الماء الحار في الشتاء ، الماء
البارد في الصيف .
ويقال : منه الصحَّةُ في الجسد ، والفراغ .
ويقال : الرضاءُ بالقضاء . ويقال : القناعة
في المعيشة .
ويقال : هو المصطفى صلى الله عليه وسلم .ALQUSYAIRY.8/101
مختلف فيها ، وآيها ثمان آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ألهاكم } شغلكم وأصله الصرف إلى اللهو منقول من لها إذا غفل . { التكاثر
} التباهي بالكثرة
{ حتى زُرْتُمُ المقابر } إذا استوعبتم عدد الأحياء صرتم إلى المقابر فتكاثرتم
بالأموات ، عبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة المقابر . روي أن بني عبد مناف وبني
سهم تفاخروا بالكثرة فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية
فعادونا بالأحياء والأموات فكثرهم بنو سهم ، وإنما حذف المنهي عنه وهو ما يعنيهم من
أمر الدين للتعظيم والمبالغة . وقيل معناه { ألهاكم التكاثر } بالأموال والأولاد إلى
أن متم وقبرتم مضيعين أعماركم في طلب الدنيا عما هو أهم لكم ، وهو السعي لأخراكم فتكون
زيارة القبور عبارة عن الموت .
{ كَلاَّ } ردع وتنبيه على أن العاقل ينبغي له أن لا يكون جميع همه ومعظم
سعيه للدنيا فإن عاقبة ذلك وبال وحسرة . { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } خطأ رأيكم إذا عاينتم
ما وراءكم وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم .
{ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } تكرير للتأكيد وفي { ثُمَّ } دلالة
على أن الثاني أبلغ من الأول ، أو الأول عند الموت أو في القبر والثاني عند النشور .
{ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين } أي لو تعلمون ما بين أيديكم
علم اليقين أي كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره ، أو لفعلتم ما لا يوصف ولا
يكتنه فحذف الجواب للتفخيم ولا يجوز أن يكون قوله .
{ لَتَرَوُنَّ الجحيم } جواباً له لأنه محقق الوقوع بل هو جواب قسم محذوف
أكد به الوعيد وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيماً ، وقرأ ابن عامر والكسائي
بضم التاء .
{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا } تكرير للتأكيد ، أو الأولى إذا رأيتهم من مكان
بعيد والثانية إأذا وردوها ، أو المراد بالأولى المعرفة وبالثانية الإبصار . { عَيْنَ
اليقين } أي الرؤية التي هي نفس اليقين ، فإن علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين .
{ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم } الذي ألهاكم ، والخطاب
مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه و { النعيم } بما يشغله للقرينة والنصوص الكثيرة
كقوله : { مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله } { كُلُواْ مِنَ الطيبات } وقيل يعمان إذ كل
يسأل عن شكره . وقيل الآية مخصوصة بالكفار .
عن النبي صلى الله عليه وسلم « من قرأ ألهاكم
لم يحاسبه الله سبحانه وتعالى بالنعيم الذي أنعم به عليه في دار الدنيا ، وأعطي من
الأجر كأنما قرأ ألف آية » .ALBAIDHAWY.5/415
قوله تعالى : { ألْهاكُم التّكاثُرُ } في
{ ألهاكم } وجهان :
أحدهما : شغلكم .
الثاني : أنساكم ، ومعناه ألهاكم عن طاعة
ربكم وشغلكم عن عبادة خالقكم .
وفي { التكاثر } ثلاثة أقاويل :
أحدها : التكاثر بالمال والأولاد ، قاله
الحسن .
الثاني : التفاخر بالعشائر والقبائل ، قاله
قتادة .
الثالث : التشاغل بالمعاش والتجارة ، قاله
الضحاك .
{ حتى زُرْتُم المقابِرَ } فيه وجهان :
أحدهما : حتى أتاكم الموت فصرتم في المقابر
زوّاراً ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار .
الثاني : ما حكاه الكلبي وقتادة : أن حيّين
من قريش ، بني عبد مناف وبني سهم ، كان بينهما ملاحاة فتعادّوا بالسادة والأشراف أيهم
أكثر ، فقال بنو عبد مناف : نحن أكثر سيّداً وعزاً وعزيزاً وأعظم نفراً ، وقال بنو
سهم مثل ذلك ، فكثرهم بنو عبد مناف ، فقال بنو سهم إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعُدّوا
الأحياء والأموات ، فعدّوهم فكثرتهم بنو سهم ، فأنزل الله تعالى { ألهاكم التكاثر
} يعني بالعدد { حتى زرتم المقابر } أي حتى ذكرتم الأموات في المقابر .
{ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمونَ * ثم كلاّ سَوْفَ تَعلَمونَ } هذا وعيد وتهديد
، ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ .
ويحتمل أن يعدل به عن التأكيد فيكون فيه
وجهان :
أحدهما : كلا سوف تعلمون عند المعاينة أن
ما دعوتكم إليه حق ، ثم كلا سوف تعلمون عند البعث أن ما وعدتكم صدق .
الثاني : كلا سوف تعلمون عند النشور أنكم
مبعوثون ، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذَّبون .
{ كلاّ لو تَعْلَمون عِلْمَ اليَقِين } معناه لو تعلمون في الحياة قبل الموت
من البعث والجزاء ما تعلمونه بعد الموت منه .
{ عِلْمَ اليقين } فيه وجهان :
أحدهما : علم الموت الذي هو يقيني لا يعتريه
شك ، قاله قتادة .
الثاني : ما تعلمونه يقيناً بعد الموت من
البعث والجزاء ، قاله ابن جريج .
وفي { كَلاَّ } في هذه المواضع الثلاثة
وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى « إلا » ، قاله أبو
حاتم .
الثاني : أنها بمعنى حقاً ، قاله الفراء .
{ لَتَروُنَّ الجَحيمَ } فيه وجهان :
أحدهما : أن هذا خطاب للكفار الذين وجبت
لهم النار .
الثاني : أنه عام ، فالكافر هي له دار والمؤمن
يمر على صراطها .
روى زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : « يرفع الصراط وسط جهنم ، فناج مسلّم ، ومكدوس في نار جهنم » .
{ ثم لَتَروُنَّها عَيْنَ اليَقين } فيه وجهان :
أحدهما : أن عين اليقين المشاهدة والعيان .
الثاني : أنه بمعنى الحق اليقين ، قاله
السدي .
ويحتمل تكرار رؤيتها وجهين :
أحدهما : أن الأول عند ورودها .
والثاني : عند دخولها .
{ ثم لتُسْأَلُنَّ يومَئذٍ عن النَّعيمِ } فيه سبعة أقاويل :
أحدها : الأمن والصحة ، قاله ابن مسعود؛
وقال سعيد بن جبير : الصحة والفراغ ، للحديث
.ANNUKTU WAL ‘UYUN.4/449.BY ABI AZMAN
Tidak ada komentar:
Posting Komentar