TADABBUR AYAT
TUJUH ?
1)TAUBAH AYAT 51
قوله تعالى : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ
مَا كَتَبَ الله لَنَا } قيل : في اللوح المحفوظ . وقيل : ما أخبرنا به في كتابه من
أنا إمّا أن نظفر فيكون الظفر حسنى لنا ، وإما أن نقتل فتكون الشهادة أعظم حسنى لنا
. والمعنى كل شيء بقضاء وقدر . وقد تقدّم في «الأعراف» أن العلم والقدر والكتاب سواء
. { هُوَ مَوْلاَنَا } أي ناصرنا . والتوكل تفويض الأمر إليه . وقراءة الجمهور «يصِيبَنا»
نصب بلن . وحكى أبو عبيدة أن من العرب من يجزم بها . وقرأ طلحة بن مُصَرِّف «هل يصيبنا»
. وحكي عن أَعْيَن قاضي الرّيّ أنه قرأ «قل لن يصِيبنّا» بنون مشدّدة . وهذا لحن؛ لا
يؤكد بالنون ما كان خبراً ، ولو كان هذا في قراءة طلحة لجاز . قال الله تعالى : { هَلْ
يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } [ الحج : 15 ] .athabary.1/2448
القول في تأويل قوله : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا
إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ
(51) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مؤدِّبًا
نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم:(قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عنك:(لن
يصيبنا)، أيها المرتابون في دينهم =(إلا ما كتب الله لنا)، في اللوح المحفوظ، وقضاه
علينا (1) =(هو مولانا)، يقول: هو ناصرنا على أعدائه (2) =(وعلى الله فليتوكل المؤمنون)¡
__________
(1) انظر تفسير "كتب" فيما سلف من فهارس اللغة (كتب).
(2) انظر تفسير "المولى" فيما سلف من فهارس اللغة (ولى).
يقول: وعلى الله فليتوكل المؤمنون، فإنهم
إن يتوكلوا عليه، ولم يرجُوا النصر من عند غيره، ولم يخافوا شيئًا غيره، يكفهم أمورهم،
وينصرهم على من بغاهم وكادهم. (1)athabary.14/290-291
قوله سبحانه وتعالى : { إن تصبك حسنة تسؤهم
} يني إن تصبك يا محمد حسنة من نصر وغنيمة تحزن المنافقين { وإن تصبك مصيبة } يعني
من هزيمة أو شدة { يقولوا } يعني المنافقين { قد أخذنا أمرنا } يعني أخذنا أمرنا بالجد
والحزم في القعود عن الغزو { من قبل } يعني من قبل هذه المصيبة { ويتولوا وهم فرحون
} يعني مسرورين لما نالك من المعصية وسلامتهم منها { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله
لنا } يعني قل يا محمد لهؤلاء الذين يفرحون بما يصيبك من المصائب والمكروه لن يصيبنا
إلا ما قدره الله لنا وعلينا وكتبه في اللوح المحفوظ لأن القلم جف بما هو كائن إلى
يوم القيامة من خير وشر فلا يقدر أحد أن يدفع عن نفسه مكروهاً نزل به أو يجلب لنفسه
نفعاً أراده لم يقدر له { هو مولانا } يعني أن الله سبحانه وتعالى هو ناصرنا وحافظنا
وهو أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } يعني في جميع
أمورهم.ALKHAZIN.3/285
2)YUNUS AYAT 107
قوله تعالى : { وإن يمسسك الله بضر } يعني
وإن يصبك الله بشدة وبلاء { فلا كاشف له } يعني لذلك الضر الي أنزل بك { إلا هو } لا
غيره { وإن يردك بخير } يعني بسعة ورخاء { فلا راد لفضله } يعين فلا دافع لرزقه { يصيب
به } يعني : بكل واحد من الضر والخير { من يشاء من عباده } قيل إن الله سبحانه وتعالى
لما ذكر الأوثان وبين أنها لا تقدر على نفع ولا ضر بين تعالى أنه هو القادر على ذلك
كله ، وأن جميع الكائنات محتاجة إليه وجميع الممكنات مستندة إليه لأنه هو القادر على
كل شيء وأنه ذو الجود والكرم والرحمة ولهذا المعنى ختم الآية بقوله { وهو الغفور الرحيم
} وفي الآية لطيفة أخرى وهي أن الله سبحانه وتعالى رجح جانب الخير على جانب الشر وذلك
أنه تعالى لما ذكر إمساس الضر بين أنه لا كاشف له إلا هو وذلك يدل على أنه سبحانه وتعالى
يزيل جميع المضار ويكشفها لأن الاستثناء من النفي إثبات .
ولما ذكر الخير قال فيه فلا راد لفضله يعني
أن جميع الخيرات منه فلا يقدر أحد على ردها لأنه هو الذي يفيض جميع الخيرات على عباده
وعضده بقوله وهو الغفور يعني الساتر لذنوب عباده الرحيم يعني بهم .ALKHAZIN.3/433
قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ
} أي يصبك به . { فَلاَ كَاشِفَ } أي لا دافع { لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ
} أي يصبك برخاء ونعمة : { فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ } أي بكل ما أراد
من الخير والشر . { مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغفور } لذنوب عباده وخطاياهم
{ الرَّحِيمُ } بأوليائه في الآخرة .ALQURTHUBY.1/2686
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ
اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ
لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
(107) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن
يصبك الله ، يا محمد ، بشدة أو بلاء ، (1) فلا كاشف لذلك إلا ربّك الذي أصابك به ،
دون ما يعبده هؤلاء المشركون من الآلهة والأنداد (2) =(وإن يردك بخير ) ، يقول: وإن
يردك ربك برخاء أو نعمة وعافية وسرور (3) =(فلا رادّ لفضله ) ، يقول: فلا يقدر أحدٌ
إن يحول بينك وبين ذلك ، ولا يردّك عنه ولا يحرمكه; لأنه الذي بيده السّرّاء والضرّاء
، دون الآلهة والأوثان ، ودون ما سواه =(يصيب به من يشاء ) ، يقول: يصيب ربك ، يا محمد
بالرخاء والبلاء والسراء والضراء ، من يشاء ويريد (4) ( من عباده وهو الغفور ) ، لذنوب
من تاب وأناب من عباده من كفره وشركه إلى الإيمان به وطاعته =(الرحيم ) بمن آمن به
منهم وأطاعه ، أن يعذبه بعد التوبة والإنابة. (5)
__________
(1) انظر تفسير " المس " فيما سلف ص : 49 ، تعليق : 1 ، والمراجع
هناك .
وتفسير " الضر " فيما سلف من
فهارس اللغة ( ضرر ) .
(2) انظر تفسير " الكشف " فيما سلف 11 : 354 / 13 : 73 / 15 :
36 ، 205 .
(3) انظر تفسير " الخير " فيما سلف من فهارس اللغة ( خير ) .
(4) انظر تفسير " الإصابة " فيما سلف من فهارس اللغة ( صوب ) .
(5) انظر تفسير " الغفور " و " الرحيم " فيما سلف من
فهارس اللغة ( غفر ) ، ( رحم ) .ATHABARY.15/219
3)HUD
AYAT 6
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا مِنْ
دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا
كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) }
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله:(
وما من دابّة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، وما تدبّ دابّة في الأرض .
و"الدابّة" "الفاعلة"
، من دبّ فهو يدبّ، وهو دابٌّ، وهي دابّة. (1)
* * *
(إلا على الله رزقها ) ، يقول: إلا ومن الله رزقها الذي يصل إليها ، هو
به متكفل، وذلك قوتها وغذاؤها وما به عَيْشُها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17959- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال،
قال مجاهد، في قوله:( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، قال: ما جاءها من
رزقٍ فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعًا، ولكن ما كان من رزقٍ فمن الله.
17960- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال ، حدثني أبي، عن
أبيه، عن ابن عباس قوله:( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، قال: كل دابة
__________
(1) انظر تفسير " الدابة " فيما سلف 14 : 21 ، تعليق : 1 ، والمراجع
هناك .
17961- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان
قال، سمعت الضحاك يقول في قوله:( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، يعني:
كلّ دابة ، والناسُ منهم.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل
البصرة يزعم أن كل مالٍ فهو "دابة" (1) = وأن معنى الكلام: وما دابة في الأرض
= وأن "من" زائدة. (2)
وقوله:( ويعلم مستقرها ) ، حيث تستقر فيه،
وذلك مأواها الذي تأوي إليه ليلا أو نهارًا =(ومستودعها) الموضع الذي يودعها، إما بموتها
، فيه ، أو دفنها . (3)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل
التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
17962- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن التيمي،
عن ليث، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال:( مستقرها ) حيث تأوي =( ومستودعها ) ،
حيث تموت.
17963- حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي،
عن ابن عباس قوله:( ويعلم مستقرها ) ، يقول: حيث تأوى =( ومستودعها ) ، يقول: إذا ماتت.
__________
(1) في المطبوعة : " كل ماش فهو دابة " ، والذي أثبته هو نص المخطوطة
، و " المال " عند العرب ، الإبل والأنعام ، وسائر الحيوان مما يقتنى . وهذا
وجه . ولكن الذي في مجاز القرآن ، وهذا نص كلامه ، فهو " كل آكل " ، ولا
قدرة لي على الفصل في صواب ما قاله أبو عبيدة ، لأن نسخة المجاز المطبوعة ، ربما وجد
فيها خلاف لما نقل عن أبي عبيدة في الكتب الأخرى .
(2) هذا نص أبي عبيدة في مجاز القرآن 1 : 285 .
(3) انظر تفسير " المستقر " ، و " المستودع " فيما سلف
1 : 539 / 11 : 434 ، 562 - 572 / 12 : 358 ، 359
.ATHABARY.15/240-241.
4)HUD
AYAT 56
(1)
مِنَ القَوْمِ يَعْرُوهُ اجْتِرَاءٌ وَمَأْثَمُ
(2)
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنِّي تَوَكَّلْتُ
عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا
إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) }
قال أبو جعفر: يقول: إني على الله الذي
هو مالكي ومالككم ، والقيِّم على جميع خلقه ، توكلت من أن تصيبوني ، أنتم وغيركم من
الخلق بسوء، (3) فإنه ليس من شيء يدب على الأرض ، (4) إلا والله مالكه، وهو في قبضته
وسلطانه. ذليلٌ له خاضعٌ.
__________
(1) هو أبو خراش الهذلي .
(2) ديوان الهذليين 2 : 147 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 290 ، من قصيدته
التي ذكر فيها فراره من فائد وأصحابه الخزاعيين ، وكان لهم وتر عنده . فلما لقوه فر
وعدا ، فذكر ذلك في شعره ، ثم انتهى إلى ذكر رجل كان يتبعه وهو يعدو فقال : أُوائِلُ
بالشَّدِّ الذَّلِيقِ ، وَحَثَّنِي ... لَدَى المَتْنِ مَشْبُوحُ الذِّرَاعَينِ خَلْجَمُ
تَذَكَّر ذَخْلاً عِنْدَنَا ، وهو فاتِكٌ
... مِنَ القَوْمِ يَعْرُوهُ اجْتِرَاءٌ وَمَأْثَمُ
يقول : " أوائل بالشد " ، أطلب
النجاة بالعدو السريع ، و" الذليق " ، الحديد السريع الشديد ، و" حثني
لدى المتن " ، يحثني على عدوى ، رجل من ورائي ، كأنه من قربه قد ركب متني ،
" مشبوح الذراعين " ، من صفة هذا الرجل أنه عريض الذراعين ، " خلجم
" ، طويل شديد . و" تذكر ذحلا " ، أي ثأرًا ، فكان تذكره للثأر أحفز
له على طلب أبي خراش . ثم قال : إنه فاتك من فتاكهم ، لا يرهب ، ويدفعه على ذلك
" اجتراء " ، أي جرأة لا تكفها المخافة ، و" مأثم " ، أي طلب الأثام
، وهو المجازاة والعقوبة على إثمي الذي سلف إليهم . و" المأثم " و"الأثام
"واحد .
وكان في المطبوعة : " اجترام
" ، وفي المخطوطة : " اجترامًا " ، وهما خطأ ، صوابه ما أثبت من ديوانه .
(3) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف من فهارس اللغة ( وكل ) .
(4) انظر تفسير " دابة " فيما سلف ص : 240 ، تعليق : 1 ، والمراجع
هناك .ATHABARY.15/363
5)ANKABUT
60
{ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا
وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60) }
وكم من دابة لا تدَّخر غذاءها لغد، كما
يفعل ابن آدم، فالله سبحانه وتعالى يرزقها كما يرزقكم، وهو السميع لأقوالكم، العليم
بأفعالكم وخطرات قلوبكم.ALMUYASSAR.7/181
{ 60 } { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا
وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .
أي: الباري تبارك وتعالى، قد تكفل بأرزاق
الخلائق كلهم، قويهم وعاجزهم، فكم { مِنْ دَابَّةٍ } في الأرض، ضعيفة القوى، ضعيفة
العقل. { لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا } ولا تدخره، بل لم تزل، لا شيء معها من الرزق، ولا
يزال اللّه يسخر لها الرزق، في كل وقت بوقته.
{ اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } فكلكم عيال اللّه، القائم برزقكم،
كما قام بخلقكم وتدبيركم، { وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } فلا يخفى عليه خافية، ولا
تهلك دابة من عدم الرزق بسبب أنها خافية عليه.
كما قال تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا
كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }ASSA’DY.1/635
6)FATHIR
2
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ
يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) مَا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا
مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ
مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)
شرح الكلمات :
{ الحمد لله } : أي قولوا الحمد لله فإنه واجب الحمد ومقتضى الحمد ما ذكر
بعد .
{ فاطر السموات والأرض } : أي خالقهما على غير مثال سابق .
{ جاعل الملائكة رسلا } : أي جعل منهم رسلا إلى الأنبياء كجبريل عليه السلام .
{ أولى أجنحة } : أي ذوى أجنحة جمع جناح كجناح الطائر .
{ يزيد في الخلق ما يشاء } : أي يزيد على الثلاثة ما يشاء فإن لجبريل ستمائة
جناح .
{ وما يمسك } : أي الله من الرحمة فلا أحد يرسلها غيره سبحانه وتعالى .
{ وهو العزيز الحكيم } : أي الغالب على أمره الحكيم في تدبيره وصنعه .
{ اذكروا نعمة الله عليكم } : أي اذكروا نعمه تعالى عليكم في خلقكم ورزقكم
وتأمينكم في حرمكم .
{ هل من خالق غير الله يرزقكم } : أي لا خالق لكم غير الله ولا رازق لكم
يرزقكم .
{ من السماء والأرض؟ } : أي بإِنزال المطر من السماء وإنبات الزروع في الأرض .
{ لا إله إلا هو } : أي لا معبود بحق إلا هو إذاً فاعبدوه ووحدوه .
{ فأنى تؤفكون } : أي كيف تصرفون عن توحيده مع اعترافكم بأنه وحده الخالق
الرازق .
معنى الآيات :
قوله تعالى { الحمد لله فاطر السموات والأرض
} أي الشكر الكامل والحمد التام لله استحقاقاً ، والكلام خَرَجَ مَخْرج الخبر ومعناه
الإِنشاء أي قولوا الحمد لله . واشكروه كما هو أيضاً إخبار منه تعالى بأن الحمد له
ولا مستحقه غيره ومقتضى حمده . فطره السموات والأرض أي خلقه لهما على غير مثال سابق
ولا نموذج حاكاه في خلقهما . وجعله الملائكة رسلاً إلى الأنبياء وإلى من يشاء من عباده
بالإِلهام والرؤيا الصالحة . وقوله { أولي أجنحة } صفة للملائكة أي اصحاب أجنحة مثنى
أي اثنين اثنين ، وثلاث أي ثلاثة ثلاثة ورباع اي أربعة أربعة . وقوله { يزيد في الخلق
} اي خلق الأجنحة ما يشاء فقد خلق لجبريل عليه السلام ستمائة جناح كما أخبر ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم في الصحاح ويزيد في خلق ما يشاء من مخلوقاته وهو على كل شيء
قدير .
وقوله تعالى { ما يفتح الله لناس من رحمة
فلا ممسك لها } يخبر تعالى أن مفاتيح كل شيء بيده فما يفتحُ للنا سمن ارزاق وخيرات
وبركات لا يمكن لأحد من خلقه أن يمسكها دونه وما يمسك من ذلك فلا يستطيع أحد من خلقه
أن يرسله ، وهو وحده العزيز الغالب على أمره ومراده فلا مانع لما أعطى ولا راد لما
قضى الحكيم في صنعه وتدبير خلقه . وقوله تعالى : { يا أيها الناس اذكروا نعمة الله
عليكم } هذا نداؤه تعالى لأهل مكة من قريش يأمرهم بعده بأن يذكروا نعمه تعالى عليهم
حيث خلقهم ووسع أرزاقهم وجعل لهم حرماً آمناً والناس يتخطفون من حولهم خائفون يأمرهم
بذكر نعمه لأنهم إذا ذكروها شكروها بالإِيمان به وتوحيده . وقوله { هل من خالق غير
الله يرزقكم من السماء والأرض؟ } والجواب لا أحد إذ لا خالق إلا هو ولا رازق سواه فهو
الذي خلقهم ومن السماء والأرض رزقهم .
السماء تُمطر والأرض تنبت بأمره . إذاً
فلا إله إلا هو اي لا معبود بحق إلا هو فكيف إذاً تصرفون عن الحق بعد معرفته إن حالكم
لعجب . هذا ما دل علي قوله تعالى { هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا
إله إلا هو فأنى تؤفكون } .
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
1- وجوب حمد الله تعالى وشكره على إنعامه .
2- تقرير الرسالة والنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم بإخباره أنه جاعل الملائكة
رسلاً .
3- وجوب اللجوء إلى الله تعالى في طلب الخير ودفع الضر فإنه بيده خزائن كل
شيء .
4- وجوب ذكر النعم ليكون ذلك حافزاً على شكرها بطاعة الله ورسوله .
5- تقرير التوحيد بالأدلة العقلية التي لا ترد .
6- العجب من حال المشركين يقرون بانفراد الله تعالى بخلقهم ورزقهم ويعبدون
معه غيره .AISARUT TAFASIR.3/332-333
7)AZZUMAR
38
{ ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز } أي منيع في ملكه { ذي انتقام
} أي منتقم من أعدائه { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } يعني أن هؤلاء
المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم ، وذلك متفق عليه عند جمهور الخلائق
فإن فطرة الخلق شاهدة بصحة هذا العلم فإن من تأمل عجائب السموات والأرض وما فيها من
أنواع الموجودات علم بذلك أنها من ابتداع قادر حكيم ثم أمره الله تعالى أن يحتج عليهم
بأن ما يعبدون من دون الله لا قدرة لها على جلب خير أو دفع ضر وهو قوله تعالى : { قل
أفرأيتم ما تدعون من دون الله } يعني الأصنام { إن أرادني الله بضر } أي بشدة وبلاء
{ هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة } أي بنعمة وخير وبركة { هل هن ممسكات رحمته }
فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكتوا فقال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه
وسلم { قل حسبي الله } أي هو ثقتي وعليه اعتمادي { عليه يتوكل المتوكلون } أي عليه
يثق الواثقونALKHAZIN.5/314
{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ
اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ
بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ
رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) }
ولئن سألت -أيها الرسول- هؤلاء المشركين
الذين يعبدون غير الله: مَن خلق هذه السموات والأرض؟ ليقولُنَّ: خلقهنَّ الله، فهم
يُقِرُّون بالخالق. قل لهم: هل تستطيع هذه الآلهة التي تشركونها مع الله أن تُبْعِدَ
عني أذى قدَّره الله عليَّ، أو تزيلَ مكروهًا لَحِق بي؟ وهل تستطيع أن تمنع نفعَا يسَّره
الله لي، أو تحبس رحمة الله عني؟ إنهم سيقولون : لا تستطيع ذلك. قل لهم: حسبي الله
وكافِيَّ، عليه يعتمد المعتمدون في جلب مصالحهم ودفع مضارهم، فالذي بيده وحده الكفاية
هو حسبي، وسيكفيني كل ما أهمني.ALMUASSAR.8/257(11/1/2014).BY ABI ANWAR.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar