TAWASSUL
2 - حديث : « إذا أعيتكم الأمور
فعليكم بأهل القبور » ، أو « فاستغيثوا بأهل القبور » ، وهو حديث مكذوب مفترى على النبي
صلى الله عليه وسلم باتفاق العلماء .
3 - حديث : « لو أحسن أحدكم ظنه
بحجر لنفعه » ، وهو حديث باطل مناقض لدين الإسلام ، وضعه بعض المشركين .
4 - حديث : « لما اقترف آدم الخطيئة
قال : يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال : يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه
؟ قال : يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا
: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك
، فقال : غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك » (1) ، وهو حديث باطل لا أصل له ، ومثله حديث
: « لولاك ما خلقت الأفلاك » .
فمثل هذه الأحاديث
المكذوبة والروايات المختلقة الملفقة لا يجوز لمسلم أن يلتفت إليها فضلا عن أن يحتج
بها ويعتمدها في دينه .
_________
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة
للألباني ج 1 / 88 ح 25 .
الثاني : أحاديث صحيحة
ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم يسيء هؤلاء فهمها ويحرفونا عن مرادها ومدلولها ،
ومن ذلك :
1 - ما ثبت في الصحيح : « أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال : اللهم
إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون
» (1) .
ففهموا من هذا الحديث
أن توسل عمر رضي الله عنه إنما كان بجاه العباس رضي الله عنه ومكانته عند الله عز وجل
، وأن المراد بقوله : « كنا نتوسل إليك بنبينا [أي بجاهه] فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك
بعم نبينا » [أي بجاهه] .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (1010) .
2 - حديث عثمان بن حنيف : « أن
رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ادع الله أن يعافيني ، قال :
إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك ، قال : فادعه ، قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه
ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ، إني توجهت
بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي ، اللهم فشفعه في » ، رواه الترمذي وأحمد وقال البيهقي
إسناده صحيح (1) .
ففهموا من الحديث
أنه يدل على جواز التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين ، وليس
في الحديث ما يشهد لذلك ، فإن الأعمى قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له
بأن يرد الله عليه بصره ، فقال له : « إن شئت صبرت وإن شئت دعوت » ، فقال : فادعه ،
إلى غير ذلك من الألفاظ الواردة في الحديث المصرحة بأن هذا توسل بدعاء النبي صلى الله
عليه وسلم لا بذاته أو جاهه ؛ ولذا ذكر أهل العلم هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله
عليه وسلم ودعائه المستجاب ، فإنه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الأعمى أعاد
الله عليه بصره ولهذا أورده البيهقي في دلائل النبوة (2) .
_________
(1) سنن الترمذي برقم (3578) ،
ومسند أحمد (4 / 138) .
(2) دلائل النبوة للبيهقي (6
/ 167) .
وأما الآن وبعد موت
النبي صلى الله عليه وسلم فإن مثل هذا لا يمكن أن يكون لتعذر دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم لأحد بعد الموت ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إذا مات الإنسان انقطع
عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له » ، رواه مسلم
(1) .
والدعاء من الأعمال
الصالحة التي تنقطع بالموت .
وعلى كل فإن جميع
ما يتعلق به هؤلاء لا حجة فيه ؛ إما لعدم صحته ، أو لعدم دلالته على ما ذهبوا إليه .
_________
(1) صحيح مسلم برقم (1631) .
وقال تعالى : { قُلْ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا
أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ
السَّبِيلِ } (المائدة : 77) .
وعن ابن عباس رضي
الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إياكم والغلو ، فإنما هلك من
كان قبلكم بالغلو في الدين » ، رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1) .
وعن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هلك المتنطعون » ، قالها ثلاثا
، رواه مسلم (2) .
_________
(1) المسند (1 / 347) ، والمستدرك
(1 / 638) .
(2) صحيح مسلم برقم (2670) .
وعن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تطروني كما أطرت النصارى
عيسى ابن مريم ، إنما أنا عبد الله ورسوله » ، رواه البخاري (1) .
والمراد هذا الحديث
، أي : لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى فادعوا فيه الربوبية والألوهية
، وإنما أنا عبد الله فصفوني بما وصفني به ربي ، وقولوا : عبد الله ورسوله ، فأبى الضلال
إلا مخالفة لأمره وارتكابا لنهيه وناقضوه أعظم المناقضة فغلوا فيه وبالغوا في إطرائه
وادعوا فيه ما ادعت النصارى في عيسى أو قريبا منه ، فسألوه مغفرة الذنوب وتفريج الكروب
وشفاء الأمراض ونحو ذلك مما هو مختص بالله وحده لا شريك له ، وكل ذلك من الغلو في الدين .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (3445) .
1 - شرك الدعوة ، أي الدعاء ،
وذلك أن الدعاء من أعظم أنواع العبادة ، بل هو لب العبادة كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم : « الدعاء هو العبادة » ، رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح (1) ، قال الله
تعالى : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر : 60) .
ولما ثبت أن الدعاء
عبادة ، فصرفه لغير الله شرك ، فمن دعا نبيا أو ملكا أو وليا أو قبرا أو حجرا أو غير
ذلك من المخلوقين فهو مشرك كافر ، كما قال تعالى : { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا
آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ
الْكَافِرُونَ } (المؤمنون : 117) .
_________
(1) مسند أحمد (4 / 267) ، وسنن
الترمذي برقم (2969) .
3 - شرك الطاعة ، فمن أطاع المخلوقين
في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله ، ويعتقد ذلك بقلبه أي أنه يسوغ لهم أن
يحللوا ويحرموا ويسوغ له ولغيره طاعته في ذلك مع علمه بأنه مخالف لدين الإسلام فقد
اتخذهم أربابا من دون الله وأشرك بالله الشرك الأكبر .
قال الله تعالى :
{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ
ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا
هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } (التوبة : 31) .
وتفسير الآية الذي
لا إشكال فيه : طاعة العلماء والعباد في المعصية (أي في تبديل حكم الله) لا دعاؤهم
إياهم ، كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال : لسنا نعبدهم
؟ فذكر له أن عبادتهم طاعتهم في المعصية (في تبديل حكم الله) ، فقال : « أليس يحرمون
ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه » ، قال : بلى . قال : « فتلك عبادتهم
» ، رواه الترمذي وحسنه ، والطبراني في المعجم الكبير (1) .
_________
(1) سنن الترمذي برقم (3095) ،
والمعجم الكبير للطبراني (17 / 92) .
4 - شرك المحبة ، والمراد محبة
العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع التي لا تنبغي إلا لله وحده لا
شريك له ، ومتى صرف العبد هذه المحبة لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر ، والدليل
قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ
كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } (البقرة : 165) .
2- النوع الثاني من أنواع الشرك
، الشرك الأصغر :
وهو كل ما كان ذريعة
إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه أو ما جاء في النصوص تسميته شركا ولم يصل إلى حد
الأكبر ، وهو يقع في هيئة العمل وأقوال اللسان . وحكمه تحت المشيئة كحكم مرتكب الكبيرة .
ومن أمثلته ما يلي :
أ- يسير الرياء ،
والدليل ما رواه الإمام أحمد وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن أخوف
ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) ، قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله قال : (الرياء
، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون
في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء » (1) .
_________
(1) مسند أحمد (5 / 428) ، قال
المنذري إسناده جيد ، الترغيب والترهيب (1 / 48) ، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح
، مجمع (1 / 102) .
ب- قول : " ما
شاء الله وشئت " ، روى أبو داود في سننه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تقولوا
ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان » (1) .
ج- قول : " لولا
الله وفلان " ، أو قول : " لولا البط لأتانا اللصوص " ، ونحو ذلك ،
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى : { فَلَا
تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } قال : " الأنداد هو الشرك
أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل ، وهو أن تقول : والله وحياتك يا
فلانة وحياتي ، وتقول : لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص ، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص
، وقول الرجل لأصحابه : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان ، لا تجعل
فيها فلانا ، هذا كله به شرك " (2) .
الفرق بين الشرك الأكبر
والأصغر :
بين الشرك الأكبر
والأصغر فروق عديدة ، أهمها ما يلي :
1 - أن الشرك الأكبر لا يغفر الله
لصاحبه إلا بالتوبة ، وأما الأصغر فتحت المشيئة .
2- أن الشرك الأكبر محبط لجميع
الأعمال ، وأما الأصغر فلا يحبط إلا العمل الذي قارنه .
_________
(1) سنن أبي داود برقم (4980)
، قال الذهبي في مختصر البيهقي (1 / 140 / 2) إسناده صالح .
(2) تفسير ابن أبي حاتم (1 /
62) .
3- أن الشرك الأكبر مخرج لصاحبه
من ملة الإسلام ، وأما الشرك الأصغر فلا يخرجه منها .
4- أن الشرك الأكبر صاحبه خالد
في النار ومحرمة عليه الجنة ، وأما الأصغر فكغيره من الذنوب .
وقال عليه الصلاة
والسلام : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان » ،
رواه البخاري (1) .
ثانيا : الكفر الأصغر
وهو لا يخرج صاحبه
من الملة ولا يوجب الخلود في النار وإنما عليه الوعيد الشديد ، وهو كفر النعمة ، وجميع
ما ورد في النصوص من ذكر الكفر الذي لا يصل إلى حد الكفر الأكبر . ومن الأمثلة عليه :
ما ورد في قوله تعالى
: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا
رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ
}{ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } (النحل : 112) .
وفي قوله صلى الله
عليه وسلم : « اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت »
، رواه مسلم (2) .
وفي قوله صلى الله
عليه وسلم : « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » ، رواه البخاري ومسلم
(3) .
فهذا وأمثاله كفر
دون كفر وهو لا يخرج من الملة الإسلامية .
_________
(1) صحيح البخاري برقم (33) .
(2) صحيح مسلم برقم (67) .
(3) صحيح البخاري برقم (121) ،
وصحيح مسلم برقم (65) .
عن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر
بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » رواه أبو داود وأحمد والحاكم (1) .
5 - كتابة حروف أبا جاد : وذلك
بأن يجعل لكل حرف منها قدرا معلوما من العدد ويجري على ذلك أسماء الآدميين والأزمنة
والأمكنة ، ثم يحكم عليها بالسعود أو النحوس ونحو ذلك .
قال ابن عباس رضي
الله عنهما في قوم يكتبون أبا جاد ، وينظرون في النجوم : ((ما أرى من فعل ذلك له عند
الله من خلاق)) ، رواه عبد الرزاق في المصنف (2) .
6 - القراءة في الكف والفنجان
ونحو ذلك مما يدعي به بعض هؤلاء معرفة الحوادث المستقبلة من موت وحياة وفقر وغنى وصحة
ومرض ونحو ذلك .
7 - تحضر الأرواح : ويزعم أربابه
أنهم يستحضرون أرواح الموتى ويسألونها عن أخبار الموتى من نعيم وعذاب وغير ذلك ، وهو
نوع من الدجل والشعوذة الشيطانية ، ويراد منها إفساد العقائد والأخلاق والتلبيس على
الجهال وأكل أموالهم بالباطل والتوصل إلى دعوى علم الغيب .
8 - التطير : وهو التشاؤم بالسوانح
والبوارح من الطير والظباء وغيرها ، وهذا باب من الشرك وهو من إلقاء الشيطان وتخويفه .
_________
(1) سنن أبي داود (3904) ، ومسند
أحمد (2 / 429) ، المستدرك (1 / 50) قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
(2) المصنف (11 / 26) .BERSAMBUNG...(2014)
Tidak ada komentar:
Posting Komentar