OBAT HATI
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
(57) }yunus
يا أيها
الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم تذكِّركم عقاب الله وتخوفكم وعيده، وهي القرآن وما اشتمل
عليه من الآيات والعظات لإصلاح أخلاقكم وأعمالكم، وفيه دواء لما في القلوب من الجهل
والشرك وسائر الأمراض، ورشد لمن اتبعه من الخلق فينجيه من الهلاك، جعله سبحانه وتعالى
نعمة ورحمة للمؤمنين، وخصَّهم بذلك; لأنهم المنتفعون بالإيمان، وأما الكافرون فهو عليهم
عَمَى.almuyassar.3/429

قوله
?? ??? : { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم } قيل : أراد بالناس قريشاً . وقيل
: هو على العموم وهو الأصح وهو اختيار الطبري قد جاءتكم موعظة من ربكم يعني القرآن
والوعظ زجر مقترن بتخويف . وقال الخليل : هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب . وقيل
: الموعظة ، ما يدعو إلى الصلاح بطريقة الرغبة والرهبة .
والقرآن
داع إلى كل خير وصلاح بهذا الطريق { وشفاء لما في الصدور } يعني أن القرآن ذو شفاء
لما في القلوب من داء الجهل وذلك لأن داء الجهل أضر للقلب من داء المرض للبدن
.
وأمراض
القلب هي : الأخلاق الذميمة والعقائد الفاسدة والجهالات المهلكة
.
فالقرآن
مزيل لهذه الأمراض كلها ، لأن فيه الوعظ والزجر والتخويف والترغيب والترهيب والتحذير
والتذكير فهو الدواء والشفاء لهذه الأمراض القلبية ، وإنما خص الصدر بالذكر ، لأنه
موضع القلب وغلافه وهو أعز موضع في بدن الإنسان لمكان القلب فيه { وهدى } يعني وهو
هدى من الضلالة { ورحمة للمؤمنين } يعني ونعمة على المؤمنين لأنهم هم الذين انتفعوا
بالقرآن دون غيرهم { قل بفضل الله وبرحمته } الباء في بفضل الله متعلقة بمضمر استغنى
عن ذكره لدلالة ما تقدم عليه وهو قوله قد جاءتكم موعظة من ربكم . والفضل هنا : بمعنى
الإفضال ويكون معنى الآية على هذا يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما
في الصدور وهو القرآن بإفضال الله عليكم ورحمته بكم وإرادته الخير لكم.ALKHAZIN.3/405
الموعظة
للكافة . . . ولكنها لا تنجع في أقوام ، وتنفع في آخرين؛ فَمَنْ أصغى إليها بَسْمعِ
سِرَّه اتضح نورُ التحقيق في قلبه ، ومَنْ استمع إليها بنعت غَيْبَته ما اتصف إلا بدوام
حجبته .
ويقال
الموعظة لأربابِ الغيبة لِيَؤوبُوا ، والشِّفاء لأصحاب الحضور ليطيبوا
.
ويقال
« الموعظة » : للعوام ، « والشفاء » : للخواص ، « والهُدى » لخاص الخاص ، « الرحمة
» لجميعهم ، وبرحمته وصَلوا إلى ذلك .
ويقال
شفاءُ كلِّ أحدٍ على حَسَبِ دائه ، فشفاءُ المذنبين بوجود الرحمة ، وشفاء المطيعين
بوجود النعمة ، وشفاء العارفين بوجود القربة ، وشفاء الواجدين بشهود الحقيقة
.
ويقال
شفاء العاصين بوجود النجاة ، وشفاء المطيعين بوجود الدرجات ، وشفاءُ العارفين بالقرب
والمناجاة .ALQUSYAIRY.3/243
{ 57 - 58 }
{ يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي
الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ
فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } .
يقول
تعالى - مرغبًا للخلق في الإقبال على هذا الكتاب الكريم، بذكر أوصافه الحسنة الضرورية
للعباد فقال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
} أي: تعظكم، وتنذركم عن الأعمال الموجبة [ ص 367 ] لسخط الله، المقتضية لعقابه وتحذركم
عنها ببيان آثارها ومفاسدها.
{ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ } وهو هذا
القرآن، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع وأمراض الشبهات،
القادحة في العلم اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد،
مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة.
وإذا
وجدت فيه الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني
القرآن، أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد
من شهوة نفسه.
وكذلك
ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان، مما يزيل
الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين.
وإذا
صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية، تبعته الجوارح كلها، فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد
بفساده. { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } فالهدى هو العلم بالحق والعمل به.
والرحمة
هي ما يحصل من الخير والإحسان، والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى به، فالهدى أجل الوسائل،
والرحمة أكمل المقاصد والرغائب، ولكن لا يهتدي به، ولا يكون رحمة إلا في حق المؤمنين.
وإذا
حصل الهدى، وحلت الرحمة الناشئة عنه، حصلت السعادة والفلاح، والربح والنجاح، والفرح
والسرور.
ولذلك
أمر تعالى بالفرح بذلك فقال: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ } الذي هو القرآن، الذي هو أعظم
نعمة ومنة، وفضل تفضل الله به على عباده { وَبِرَحْمَتِهِ } الدين والإيمان، وعبادة
الله ومحبته ومعرفته. { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
} من متاع الدنيا ولذاتها.
فنعمة
الدين المتصلة بسعادة الدارين، لا نسبة بينها، وبين جميع ما في الدنيا، مما هو مضمحل
زائل عن قريب.
وإنما
أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته، لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها، وشكرها
لله تعالى، وقوتها، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما، وهذا فرح
محمود، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها، أو الفرح بالباطل، فإن هذا مذموم كما قال
[تعالى عن] قوم قارون له: { لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
} .
وكما
قال تعالى في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل المناقض لما جاءت به الرسل: { فَلَمَّا
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ
}.ASSA’DY.1/366
القول
في تأويل قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57)
}
قال
أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لخلقه:(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم) ، يعني
: ذكرى تذكركم عقابَ الله وتخوّفكم وعيده (1) =(من
__________
(1) انظر تفسير " الموعظة " فيما
سلف 8 : 528 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
ربكم)،
يقول: من عند ربكم ، لم يختلقها محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفتعلها أحد، فتقولوا:
لا نأمن أن تكون لا صحةَ لها. وإنما يعني بذلك جلّ ثناؤه القرآن، وهو الموعظة من الله.
وقوله:(وشفاء
لما في الصدور)، يقول: ودواءٌ لما في الصدور من الجهل، يشفي به الله جهلَ الجهال، فيبرئ
به داءهم ، ويهدي به من خلقه من أراد هدايته به =(وهدى)، يقول: وهو بيان لحلال الله
وحرامه، ودليلٌ على طاعته ومعصيته =(ورحمة)، يرحم بها من شاء من خلقه، فينقذه به من
الضلالة إلى الهدى، وينجيه به من الهلاك والردى. وجعله تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين
به دون الكافرين به، لأن من كفر به فهو عليه عمًى، وفي الآخرة جزاؤه على الكفر به الخلودُ
في لظًى.ATHABARY.15/104-105
واستدل
كما قال الجلال السيوطي بالآية على أن القررن يشفي من الأمراض البدنية كما يشفي من
الأمراض القلبية فقد أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : جاء رجل إلى النبي
??? ???? ???? ???? فقال : " إني أشتكي صدري فقال ???? ?????? ??????? : «اقرأ
القرآن يقول الله تعالى شفاء لما في الصدور " وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة
بن الأسقع أن رجلاً شكا إلى النبي ??? ???? ???? ???? وجع حلقه فقال : " عليك
بقراءة القرآن " وأنت تعلم أن الاستدلال بها على ذلك مما لا يكاد يسلم ، والخبر
الثاني لا يدل عليه إذ ليس فيه أكثر من أمره ??? ???? ???? ???? الشاكي بقراءة القرآن
إرشاداً له إلى ما ينفعه ويزول به وجعه ونحن لا ننكر أن لقراءة القرآن بركة قد يذهب
الله تعالى بسببها الأمراض والأوجاع وإنما ننكر الاستدلال بالآية على ذلك؛ والخبر الأول
وإن كان ظاهراً في المقصود لكن ينبغي تأويله كأن يقال : لعله ??? ???? ???? ???? اطلع
على أن في صدر الرجل مرضاً معنوياً قلبياً قد صار سبباً للمرض الحسي البدني فأمره
???? ?????? ??????? بقراءة القرآن ليزول عنه الأول فيزول الثاني ، ولا يستبعد كون
بعض الأمراض القلبية قد يكون سبباً لبعض الأمراض القالبية فإنا نرى أن نحو الحسد والحقد
قد يكون سبباً لذلك ، ومن كلامهم لله تعالى در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله : وهذا
أولى من إخراج الكلام مخرج الأسلوب الحكيم .
والحسن
البصري ينكر كون القرآن شفاء للأمراض ، فقد أخرج أبو الشيخ عنه . أنه قال : إن الله
تعالى جعل القرآن شفاء لما في الصدور ولم يجعله شفاء لأمراضكم ، والحق ما ذكرنا
.ALUSY.8/38-39(5/1/2014).BY ABI SAFITRA
Tidak ada komentar:
Posting Komentar