LEBIH DEKAT DENGAN ALLAH
رؤوسهم، وقد تحوّل
في صورته الّتي رأوه فيها أوّل مرّة. فقال: أنا ربّكم. فيقولون: أنت ربّنا. ثمّ يضرب
الجسر على جهنّم. وتحلّ الشّفاعة «1». ويقولون: اللّهمّ سلّم سلّم». قيل: يا رسول اللّه
وما الجسر؟
قال: «دحض مزلّة
«2» فيه خطاطيف وكلاليب وحسك «3». تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السّعدان. فيمرّ المؤمنون
كطرف العين وكالبرق وكالرّيح وكالطّير وكأجاويد الخيل والرّكاب «4». فناج مسلّم. ومخدوش
مرسل. ومكدوس في نار جهنّم «5».
حتّى إذا خلص المؤمنون
من النّار، فو الّذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشدّ مناشدة للّه، في استقصاء الحقّ
«6»، من المؤمنين للّه يوم القيامة لإخوانهم الّذين في النّار. يقولون: ربّنا كانوا
يصومون معنا ويصلّون ويحجّون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم. فتحرّم صورهم على النّار.
فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النّار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه. ثمّ يقولون: ربّنا ما
بقي فيها أحد ممّن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير
«7» فأخرجوه.
فيخرجون خلقا كثيرا.
ثمّ يقولون: ربّنا لم نذر فيها أحدا ممّن أمرتنا. ثمّ يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه
مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقا كثيرا. ثمّ يقولون: ربّنا لم نذر فيها
ممّن أمرتنا أحدا. ثمّ يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من خير فأخرجوه.
فيخرجون خلقا كثيرا. ثمّ يقولون: ربّنا لم نذر فيها خيرا «8»». وكان أبو سعيد الخدريّ
يقول: إن لم تصدّقوني بهذا الحديث فاقرأوا إن شئتم: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ
ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً
(النساء/ 40)». فيقول اللّه- عزّ وجلّ-: شفعت الملائكة وشفع النّبيّون وشفع المؤمنون.
ولم يبق إلّا أرحم
__________
فيقولون: ربّنا أعطيتنا
ما لم تعط أحدا من العالمين.
فيقول: لكم عندي أفضل
من هذا. فيقولون: يا ربّنا أيّ شيء أفضل من هذا؟. فيقول: رضاي فلا أسخط عليكم بعده
أبدا»)* «8».
5-* (عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه-
قال:
قال أناس لرسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم: يا رسول اللّه هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ فقال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم: «هل تضارّون في القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول اللّه. قال:
«فهل تضارّون في رؤية الشّمس ليس دونها سحاب؟» قالوا:
لا. قال: «فإنّكم
ترونه كذلك، يجمع اللّه النّاس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتّبعه، فيتّبع
من كان يعبد الشّمس الشّمس، ومن كان يعبد القمر القمر، ويتّبع من كان يعبد الطّواغيت
الطّواغيت وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم اللّه تبارك وتعالى في صورة غير
صورته الّتي يعرفون فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك، هذا مكاننا حتّى يأتينا
ربّنا، فإذا جاء ربّنا عرفناه، فيأتيهم اللّه في صورته الّتي يعرفون، فيقول: أنا ربّكم،
فيقولون: أنت ربّنا فيتّبعونه ... الحديث»)* «9».
__________
2-* (قال ابن عبّاس- رضي اللّه
عنهما- في تفسير قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (الأنعام/ 75) إنّه تعالى جلّى له الأمر سرّه وعلانيته
فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق فلمّا جعل يلعن أصحاب الذّنوب قال اللّه: إنّك لا
تستطيع هذا، فردّه كما كان قبل ذلك. قال ابن كثير: فيحتمل أن يكون كشف له عن بصره حتّى
رأى ذلك عيانا ويحتمل أن يكون كشف عن بصيرته حتّى شاهده بفؤاده وتحقّقه وعرفه وعلم
ما في ذلك من الحكم الباهرة والدّلالات القاطعة كما رواه الإمام أحمد والتّرمذيّ وصحّحه
عن معاذ بن جبل في حديث المنام «أتاني ربّي في أحسن صورة فقال: يا محمّد فيم يختصم
الملأ الأعلى؟ فقلت:
لا أدري يا ربّ، فوضع
يده بين كتفيّ حتّى وجدت برد أنامله بين ثدييّ فتجلّى لي كلّ شيء وعرفت ذلك»)* «3».
__________
3-* (وعن ابن عبّاس- رضي اللّه
عنهما- في تفسير قول اللّه عزّ وجلّ: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام/ 79)، نُورٌ عَلى نُورٍ
(النور/ 35) قال:
كذلك قلب المؤمن يعرف
اللّه عزّ وجلّ ويستدلّ عليه بقلبه، فإذا عرفه ازداد نورا على نور، وكذا إبراهيم عليه
السّلام عرف اللّه عزّ وجلّ بقلبه واستدلّ عليه بدلائله، فعلم أنّ له ربّا وخالقا،
فلمّا عرّفه اللّه عزّ وجلّ بنفسه ازداد معرفة فقال أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ
هَدانِ (الأنعام/ 80))* «1».
4-* (وعنه أيضا- رضي اللّه عنه-:
أفضل العبادة الفقه في الدّين، والحقّ سبحانه وتعالى جعل الفقه صفة القلب فقال: لَهُمْ
قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها (الأعراف/ 179)، فلمّا فقهوا علموا، ولمّا علموا عملوا،
ولمّا عملوا عرفوا، ولمّا عرفوا اهتدوا، فكلّ من كان أفقه كانت نفسه أسرع إجابة وأكثر
انقيادا لمعالم الدّين وأوفر حظّا من نور اليقين، فالعلم جملة موهوبة من اللّه للقلوب
والمعرفة تميّز تلك الجملة)* «2».
5-* (قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه
عنه-: رحم اللّه تعالى صهيبا لو لم يخف اللّه لم يعصه، يعني لو كتب له كتاب الأمان
من النّار حمله صرف «3» المعرفة بعظيم أمر اللّه على القيام بواجب حقّ العبوديّة)*
«4».
6-* (عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-
قال: اختصم رجلان، فدارت اليمين على أحدهما، فحلف باللّه الّذي لا إله إلّا هو ما له
عليه حقّ فنزل جبريل فقال: مره فليعطه حقّه، فإنّ الحقّ قبله، وهو كاذب، وكفّارة يمينه
معرفته باللّه أنّه لا إله إلّا هو، أو شهادته أنّه لا إله إلّا هو)* «5».
7-* (قال البخاريّ: وباب قول النّبيّ
صلّى اللّه عليه وسلّم «أنا أعلمكم باللّه» وأنّ المعرفة فعل القلب لقول اللّه تعالى:
وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (البقرة/ 225))* «6».
8-* (قال النّوويّ في شرح قوله
صلّى اللّه عليه وسلّم «الإسلام أن تعبد اللّه لا تشرك به شيئا وتقيم الصّلاة ... إلى
آخره»: أمّا العبادة، فهي: الطّاعة مع خضوع، فيحتمل أن يكون المراد بالعبادة هنا: معرفة
اللّه تعالى والإقرار بوحدانيّته، فعلى هذا يكون عطف الصّلاة والصّوم والزّكاة عليها
لإدخالها في الإسلام.
فإنّها لم تكن دخلت
في العبادة، وعلى هذا إنّما اقتصر على هذه الثّلاث لكونها من أركان الإسلام وأظهر شعائره
والباقي ملحق بها)* «7».
__________
9-* (قال الغزاليّ- رحمه اللّه-:
أخوف النّاس لربّه أعرفهم بنفسه وبربّه، ولذلك قال صلّى اللّه عليه وسلّم:
«أنا أخوفكم للّه»، وكذلك قال
تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر/ 28) ثمّ إذا كملت
المعرفة أورثت جلال الخوف واحتراق القلب)* «1».
10-* (وقال أيضا: الخوف من المعصية
خوف الصّالحين، والخوف من اللّه خوف الموحّدين والصّدّيقين وهو ثمرة المعرفة باللّه
تعالى، وكلّ من عرفه وعرف صفاته علم من صفاته ما هو جدير بأن يخاف من غير جناية)*
«2».
11-* (وقال- رحمه اللّه- كذلك: لا
وصول إلى سعادة لقاء اللّه في الآخرة إلّا بتحصيل محبّته والأنس به في الدّنيا، ولا
تحصل المحبّة إلّا بالمعرفة، ولا تحصل المعرفة إلّا بدوام الفكر)* «3».
12-* (وقال أيضا: من عرف اللّه تعالى
عرف أنّه يفعل ما يشاء ولا يبالي، ويحكم ما يريد ولا يخاف)* «4».
13-* (قال ابن القيّم: اعلم أنّ
اللّه تعالى خلق في صدرك بيتا وهو القلب، ووضع في صدره عرشا لمعرفته يستوي عليه المثل
الأعلى وهو مستو على عرشه بذاته بائن من خلقه. والمثل الأعلى من معرفته ومحبّته وتوحيده
مستو على سرير القلب وعلى السّرير بساط من الرّضا، ووضع عن يمينه وشماله مرافق شرائعه
وأوامره. وفتح إليه بابا من جنّة رحمته والأنس به والشّوق إلى لقائه. وأمطره من وابل
كلامه ما أنبت فيه أصناف الرّياحين والأشجار المثمرة من أنواع الطّاعات. والتّهليل
والتّسبيح والتّحميد والتّقديس. وجعل في وسط البستان شجرة معرفته تعالى، فهي تؤتي أكلها
كلّ حين بإذن ربّها من المحبّة والإنابة والخشية والفرح به والابتهاج بقربه وأجرى إلى
تلك الشّجرة ما يسقيها من تدبّر كلامه وفهمه والعمل بوصاياه، وعلّق في ذلك البيت قنديلا
أسرجه بضياء معرفته والإيمان به وتوحيده فهو يستمدّ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ
لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ
نارٌ (النور/ 35))* «5».
14-* (قال بعضهم: من أمارات المعرفة
باللّه حصول الهيبة، فمن ازدادات معرفته زادت هيبته.
وقال أيضا: المعرفة
توجب السّكينة. وقيل: علامتها أن يحسّ بقرب قلبه من اللّه فيجده قريبا منه)* «6».
15-* (وقال الشّبليّ: ليس لعارف
علاقة، ولا لمحبّ شكوى، ولا لعبد دعوى، ولا لخائف قرار، ولا لأحد من اللّه فرار)*
«7».
__________
16-* (قال الفيروزاباديّ (تعقيبا
على كلام الشّبليّ في الأثر السّابق): وهذا كلام جيّد، فإنّ المعرفة الصّحيحة تقطع
من القلب العلائق كلّها، وتعلّقه بمعروفه فلا يبقى فيه علاقة لغيره، ولا تمرّ به العلائق
إلّا وهي مجتازة)* «1».
17-* (وقال أحمد بن عاصم: من كان
باللّه أعرف كان من اللّه أخوف. ويدلّ على هذا قوله تعالى:
إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ
مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (فاطر/ 28).
وقول النّبيّ صلّى
اللّه عليه وسلّم: «أنا أعرفكم باللّه وأشدّكم له خشية»)* «2».
18-* (وقال هرم بن حيّان: المؤمن
إذا عرف ربّه عزّ وجلّ أحبّه، وإذا أحبّه أقبل إليه)* «3».
19-* (وقال أيضا: من عرف نفسه وعرف
ربّه عرف قطعا أنّه لا وجود له من ذاته إنّما وجود ذاته ودوام وجوده وكمال وجوده من
اللّه وإلى اللّه وباللّه)* «4».
20-* (قال الحسن البصريّ- رحمه اللّه
تعالى-: من عرف ربّه أحبّه، ومن عرف الدّنيا زهد فيها، ومن خلا عن الحبّ هذا فلأنّه
اشتغل بنفسه وشهواته وذهل عن ربّه وخالقه فلم يعرفه حقّ معرفته وقصر نظره على شهواته
ومحسوساته)* «5».
21-* (وقال ذو النّون: الزّهّاد
ملوك الآخرة، وهم فقراء العارفين)*.
22-* (سئل الجنيد عن العارف فقال:
لون الماء لون إنائه. وهذه كلمة رمز بها إلى حقيقة العبوديّة، وهو أنّه يتلّون في أقسام
العبوديّة، فبينا تراه مصلّيا، إذ رأيته ذاكرا أو قارئا، أو متعلّما، أو معلّما، أو
مجاهدا، أو حاجّا، أو مساعدا للضّعيف، أو معينا للملهوف، فيضرب في كلّ غنيمة بسهم.
فهو مع المنتسبين منتسب، ومع المتعلّمين متعلّم، ومع الغزاة غاز، ومع المصلّين مصلّ،
ومع المتصدّقين متصدّق. وهكذا ينتقل في منازل العبوديّة من عبوديّة إلى عبوديّة، وهو
مستقيم على معبود واحد لا ينتقل عنه إلى غيره)* «6».
23-* (وقال ابن عطاء: المعرفة على
ثلاثة أركان: الهيبة، والحياء، والأنس)*.
24-* (وقيل: العارف ابن وقته. وهذا
من أحسن الكلام وأخصره، فهو مشغول بوظيفة وقته عمّا مضى وصار في العدم، وعمّا لم يدخل
بعد في الوجود، فهمّه عمارة وقته الّذي هو مادّة حياته الباقية. ومن علاماته أنّه مستوحش
ممّن يقطعه عنه. ولهذا قيل:
__________
العارف من أنس باللّه
فأوحشه من الخلق، وافتقر إلى اللّه فأغناه عنهم، وذلّ للّه فأعزّه فيهم، وتواضع للّه
فرفعه بينهم، واستغفر باللّه فأحوجهم إليه)*.
25-* (وقيل: العارف فوق ما يقول،
والعالم دون ما يقول. يعني: أنّ العالم علمه أوسع من حاله وصفته والعارف حاله وصفته
فوق كلامه وخبره)* «1».
26-* (قال الفيروزاباديّ: وعلامة
العارف أن يكون قلبه مرآة إذا نظر فيها رأى فيها الغيب الّذي دعا إلى الإيمان به، فعلى
قدر جلاء تلك المرآة يتراءى فيها سبحانه والدّار الآخرة والجنّة والنّار والملائكة
والرّسل، كما قيل:
إذا سكن الغدير على
صفاء ... فيشبه أن يحرّكه النّسيم
بدت فيه السّماء بلا
مراء ... كذاك الشّمس تبدو والنّجوم
كذاك قلوب أرباب التجلّي
... يرى في صفوها اللّه العظيم
ومن علامات المعرفة
أن يبدو لك الشّاهد وتفنى الشّواهد، وتنجلي العلائق وتنقطع العوائق، وتجلس بين يدي
الرّبّ، وتقوم وتضطجع على التّأهّب للقائه كما يجلس الّذي قد شدّ
أحماله وأزمع السّفر،
على تأهّب له، ويقوم على ذلك ويضطجع عليه.
ومن علامات العارف:
أنّه يأسف على فائت ولا يفرح بآت ولأنّه ينظر في الأشياء الفناء والزّوال، وأنّها في
الحقيقة كالظّلال والخيال. وقال الجنيد: لا يكون العارف عارفا حتّى يكون كالأرض يطؤها
البرّ والفاجر، وكالسّحاب يظلّ كلّ شيء، وكالمطر يسقي ما يحبّ وما لا يحبّ)* «2».
27-* (وقال يحيى بن معاذ: يخرج العارف
من الدّنيا ولم يقض وطره من شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربّه. وهذا من أحسن
ما قيل، لأنّه يدلّ على معرفته بنفسه وعلى معرفته بربّه وجماله وجلاله، فهو شديد الإزراء
على نفسه، لهج بالثّناء على ربّه)* «3».
28-* (وقال أبو يزيد: إنّما نالوا
المعرفة بتضييع ما لهم، والوقوف مع ما له. يريد تضييع حظوظهم والوقوف مع حقوق اللّه
تعالى. وقال آخر:
لا يكون العارف عارفا
حتّى لو أعطي ملك سليمان لم يشغله عن اللّه طرفة عين. وهذا يحتاج إلى شرح، فإنّ ما
هو دون ذلك يشغل القلب، لكن إذا كان اشتغاله بغير اللّه للّه فذلك اشتغال باللّه)*
«4».
29-* (حكى الفيروزاباديّ عن بعضهم
قوله: من عرف اللّه ضاقت عليه الأرض بسعتها.
وقال غيره: من عرف
اللّه اتّسع عليه كلّ ضيق.
__________
قال الفيروزاباديّ:
ولا تنافي بين هذين الكلامين فإنّه يضيق عليه كلّ مكان لاتّساعه فيه على شأنه ومطلوبه،
ويتّسع له ما ضاق على غيره لأنّه ليس فيه ولا هو مساكن له بقلبه، فقلبه غير محبوس فيه.
والأوّل في بداية
المعرفة، والثّاني في غايتها الّتي يصل إليها العبد.
وقال: من عرف اللّه
تعالى صفا له العيش، وطابت له الحياة، وهابه كلّ شيء، وذهب عنه خوف المخلوقين، وأنس
باللّه)* «1».
30-* (وقال غيره: من عرف اللّه قرّت
عينه باللّه وقرّت به كلّ عين، ومن لم يعرف اللّه تقطّع قلبه على الدّنيا حسرات، ومن
عرف اللّه لم يبق له رغبة فيما سواه)* «2».
31-* (قال ابن الجوزيّ: من ذاق طعم
المعرفة وجد طعم المحبّة، فالرّضا من جملة ثمرات المعرفة، فإذا عرفته سبحانه رضيت بقضائه)*
«3».
32-* (وقال أيضا- رحمه اللّه تعالى-:
ليس في الدّنيا ولا في الآخرة أطيب عيشا من العارفين باللّه تعالى، فإنّ العارف به
مستأنس به في خلوته، فإن عمّت نعمة علم من أهداها، وإن مرّ مرّ حلا مذاقه في فيه لمعرفته
بالمبتلي، وإن سأل فتعوّق مقصوده، صار مراده ما جرى به القدر، علما منه بالمصلحة، بعد
يقينه بالحكمة، وثقته بحسن التّدبير)* «4».
من فوائد (معرفة اللّه-
عز وجل-)
(1) معرفة اللّه عزّ وجلّ هي أساس
الإيمان به، والتّصديق برسله، وما أرسلوا به.
(2) معرفة اللّه عزّ وجلّ تورث
السّكينة والرّضا، وتبعد عن العبد السّخط والغضب.
(3) العارف باللّه تعالى من أطيب
النّاس عيشا.
(4) المعرفة باللّه عزّ وجلّ تورث
محبّته سبحانه.
(5) معرفة اللّه عزّ وجلّ هي جماع
السّعادة في الدّنيا والآخرة.
(6) من عرف اللّه عزّ وجلّ في
الرّخاء عرفه اللّه عزّ وجلّ في شدّته وأنقذه منها.NADHROTUN NA’IM...8/3433 -3457
JAKARTA 8-12-2011
Tidak ada komentar:
Posting Komentar