{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا
لِي وَلا تَكْفُرُونِ (152) }ALBAQARAH
أمر
تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ
ذكره، وخصوني -أيها المؤمنون- بالشكر قولا وعملا ولا تجحدوا نعمي عليكم.ALMUYASSAR.1/166
فقال
تعالى : { فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون } لما في ذكره بأسمائه وصفاته ووعده
ووعيده من موجبات محبته ورضاه ولما في شكره بإقامة الصلاة وأداء سائر العبادات من مقتضيات
رحمته وفضله ولم في نسيانه وكفرانه من التعرض لغضبه وشديد عقابه وأليم عذابه
.AISARUT TAFASIR.1/63
وهو
قوله : { فاذكروني أذكركم } والمعنى كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم فاذكروني ، ووجه التشبيه
أن النعمة بالذكر جارية مجرى النعمة بإرسال الرسول ، وإن قلنا : إنها متعلقة بما قبلها
كان وجه التشبيه أن النعمة في أمر القبلة كالنعمة بالرسالة ، وفيكم خطاب لأهل مكة والعرب
وكذا قوله منكم ، وفي إرساله رسولاً منهم نعمة عظيمة عليه لما فيه من الشرف لهم ولأن
المعروف من حال العرب الأنفة الشديدة من الانقياد للغير فكان بعثة الرسول منهم وفيهم
أقرب إلى قبول قوله والانقياد له ، والمعنى كما أرسلنا فيكم في معشر العرب { رسولاً
منكم } يعني محمداً ??? ???? ???? ???? { يتلو عليكم آياتنا } يعني القرآن وذلك من
أعظم النعم لأنه معجزة باقية على الدهر { ويزكيكم } أي ويطهركم من دنس الشرك والذنوب
وقيل يعلمكم ما إذا فعلتموه صرتم أذكياء مثل محاسن الأخلاق ومكارم الأفعال { ويعلمكم
الكتاب } يعني أحكام الكتاب وهو القرآن وقيل إن التعليم غير التلاوة فليس بتكرار {
والحكمة } يعني السنة والفقه في الدين { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون } يعني يعلمكم
من أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية وقصص الأنبياء والخبر عن الحوادث المستقبلية
مما لم تكونوا تعلمون وذلك قبل بعثة رسول الله ??? ???? ???? ???? { فاذكروني } قيل
الذكر يكون باللسان ، وهو أن يسبحه ويحمده ويمجده ونحو ذلك من الأذكار ، ويكون القلب
وهو أن يتفكر في عظمة الله تعالى ، وفي الدلائل الدالة على وحدانيته ، ويكون بالجوارح
وهو أن تكون مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها ، مثل الصلاة وسائر الطاعات التي للجوارح
فيها فعل { أذكركم } أي بالثواب والرضا عنكم قال ابن عباس : اذكروني بطاعتي أذكركم
بمعونتي وقيل : اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء ، وقال أهل المعاني
: اذكروني بالتوحيد والإيمان : أذكركم بالجنان والرضوان . وقيل : اذكروني بالإخلاص
أذكركم بالخلاص اذكروني بالقلوب ، أذكركم بغفران الذنوب . اذكروني بالدعاء أذكركم بالعطاء
( ق ) عن أبي هريرة ??? ???? ??ه قال : قال رسول الله ??? ???? ???? ???? : « يقول
الله ?? ??? : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ، وإن تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً
وإن تقرب إليَّ ذراعاً ، تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة
»
قوله
?? ??? : « أنا عند ظن عبدي بي » قيل : معناه بالغفران إذا استغفر وبالقبول والإجابة
، إذا دعا ، وبالكفاية إذا طلب الكفاية . وقيل : المراد منه تحقيق الرجاء وتأميل العفو
وهذا أصح قوله : وأنا معه إذا ذكرني يعني بالرحمة والتوفيق والهداية والإعانة . وقوله
: « فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي » . والنفس في اللغة لها معان : منها ذات الشيء
والله تعالى له ذات حقيقة . ومنها الغيب فعلى هذا يكون المعنى فإن ذكرني خالياً ذكرته
بالإثابة والمجازاة مما لا يطلع عليه أحد . قوله : « وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ
خير منه » الملأ أشراف الناس وعظماؤهم الذين يرجع إلى رأيهم وهذا مما استدلت به المعتزلة
ومن وافقهم على تفضيل الملائكة على الأنبياء . وأجيب عنه بأن الذكر يكون غالباً يكون
في جماعة لا نبي فيهم . قوله : « وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً إلخ » وهذا
من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره فلا بد من التأويل فعلى هذا يكون ذكر الشبر والذراع
والباع والمشي والهرولة استعارة ، ومجازاً فيكون المراد بقرب العبد من الله تعالى القرب
بالذكر والطاعة والعمل الصالح والمراد بقرب الله من العبد قرب نعمه وألطافه وبره وكرمه
وإحسانه إليه ، وفيض مواهبه ورحمته عليه والمعنى كلما زاد بالطاعة والذكر زدت بالبر
والإحسان وإن أتاني في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة صباً وسبقته بها ( ق
) عن أبي هريرة ??? ???? ??ه قال رسول الله ??? ???? ???? ???? قال : يقول الله ??
??? : « أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه » ( ق ) عن أبي موسى الأشعري قال : قال
رسول الله ??? ???? ???? ???? « مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت
» ( م ) عن أبي هريرة ??? ???? ??ه أن رسول الله ??? ???? ???? ???? قال : « سبق المفردون
قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيراً والذاكرات » المفردون الذين
ذهب القرن الذي كانوا فيه ، وبقوا وهم يذكرون الله تعالى . ويقال : تفرد الرجل إذا
تفقه واعتزل .
وقوله
تعالى : { واشكروا لي } يعني بالطاعة { ولا تكفرون } أي بالمعصية فمن أطاع الله فقد
شكره ومن عصاه فقد كفره .ALKHAZIN.1/115- 116
الذكر
استغراق الذاكر في شهود المذكور ، ثم استهلاكه في وجود المذكور ، حتى لا يبقى منك أثر
يذكر ، فيقال قد كان مرةً فلان .
{ فاذكروني أذكركم } أي كونوا مستهلكين في
وجودنا ، نذكركم بعد فنائكم عنكم ، قال الله تعالى : { إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُحْسِنِينَ } [ الذاريات : 16 ] كانوا وقتاً ولكنهم بانوا دائماً
:
أناس
حديث حسن ... فكن حديثاً حسناً لمن وعنى
وطريقة
أهل العبارة { فاذكروني } بالموافقات { أذكركم } بالكرامات ، وطريقة أهل الإشارة {
فاذكروني } بِتَرْكِ كل حظ { أذكركم } بأن أقيمكم بحقي بعد فنائكم عنكم
.
{ فاذكروني } مكتفين بي عن عطائي وأفضالي
{ أذكركم } راضياً بكم دون أفعالكم .
{ فاذكروني } بذكري لكم ما تذكرون ، ولولا
سابق ذكري لما كان لاحِقُ ذكركم .
{ فاذكروني } بقطع العلائق { أذكركم } بنعوت
الحقائق .
ويقال
اذكرني لكل مَنْ لَقِيتَه أذكرك لمن خاطَبتُه ، « فمن ذكرني في مَلأٍ ذكرته في ملأ
خيرٍ منهم » .
ويقال
{ واشكروني } على عظيم المِنَّةِ عليكم بأن قُلْتُ : { فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ
} .
ويقال
الشكر من قبيل الذكر ، وقوله : { ولا تكفرون } النهي عن الكفران أمرٌ بالشكر ، والشكر
ذكر ، فكرر عليك الأمر بالذكر ، والثلاث أول حدِّ الكثرة ، والأمر بالذكر الكثير أمر
بالمحبة لأنَّ في الخبر : « من أحب شيئاً أكثر ذكره » فهذا - في الحقيقة - أمرٌ بالمحبة
أي أحْبِبْني أحبك؛ { فاذكروني أذكركم } أي أحبوني أحببكم .
ويقال
: { فاذكروني } بالتذلل { أذكركم } بالتفضُّل .
{ فاذكروني } بالانكسار { أذكركم } بالمبار
.
{ فاذكروني } باللسان { أذكركم } بالجِنان
.
{ فاذكروني } بقلوبكم { أذكركم } بتحقيق مطلوبكم
.
{ فاذكروني } على الباب من حيث الخدمة { أذكركم
} بالإيجاب على بساط القربة بإكمال النعمة .
{ فاذكروني } بتصفية السِّر { أذكركم } بتوفية
البرِّ .
{ فاذكروني } بالجهد والعناء { أذكركم } بالجود
والعطاء .
{ فاذكروني } بوصف السلامة { أذكركم } يومَ
القيامة يومَ لا تنفع الندامة .
{ فاذكروني } بالرهبة { أذكركم } بتحقيق الرغبة
.ALQUSYAIRY.1/147
{ فاذكرونى } بالطاعة قلباً وقالباً فيعم
الذكر باللسان والقلب والجوارح ، فالأول : كما في «المنتخب» الحمد والتسبيح والتحميد
وقراءة كتاب الله تعالى والثاني : الفكر في الدلائل الدالة على التكاليف والوعد والوعيد
وفي الصفات الإلهية والأسرار الربانية . والثالث : استغراق الجوارح في الأعمال المأمور
بها خالية عن الأعمال المنهي عنها ولكون الصلاة مشتملة على هذه الثلاثة سماها الله
تعالى ذكراً في قوله : { فاسعوا إلى ذِكْرِ الله } [ الجمعة : 9 ] وقال أهل الحقيقة
: حقيقة ذكر الله تعالى أن ينسى كل شيء سواه { أَذْكُرْكُمْ } أي أجازكم بالثواب ،
وعبر عن ذلك بالذكر للمشاكلة ولأنه نتيجته ومنشؤه ، وفي «الصحيحين» : " من ذكرني
في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه
"
{ واشكروا لِي } ما أنعمت به عليكم وهو واشكروني
بمعنى ولي أفصح مع الشكر وإنما قدم الذكر على الشكر لأن في الذكر اشتغالاً بذاته تعالى
وفي الشكر اشتغالاً بنعمته والاشتغال بذاته تعالى أولى من الاشتغال بنعمته . { وَلاَ
تَكْفُرُونِ } بجحد نعمتي وعصيان أمري وأردف الأمر بهذا النهي ليفيد عموم الأزمان وحذف
ياء المتكلم تخفيفاً لتناسب الفواصل وحذفت نون الرفع للجازم .ALUSY.2/62.(3/1/2014).BY ABI AZMAN
Tidak ada komentar:
Posting Komentar