LEBIH DEKAT DENGAN
ALLAH SWT
معرفة اللّه- عزّ وجلّ-
المعرفة لغة:
مصدر قولهم: عرف الشّيء يعرفه، وهي مأخوذة
من مادّة (ع ر ف) الّتي تدلّ على السّكون والطّمأنينة، يقول ابن فارس: العين والرّاء
والفاء أصلان «1» صحيحان يدلّ أحدهما على تتابع الشّيء الشّيء متّصلا بعضه ببعض، والآخر
على السّكون والطّمأنينة، ومن الأصل الأوّل: عرف الفرس لتتابع الشّعر عليه، وجاءت القطا
عرفا عرفا أي بعضها خلف بعض، والأصل الآخر، المعرفة والعرفان، تقول: عرف فلان فلانا
عرفانا ومعرفة، وهذا أمر معروف لأنّ من عرف شيئا سكن إليه ومن أنكره توحّش منه ونبا
عنه «2»، وقال الخليل: ونفس عروف، إذا حملت على أمر بسأت به أي اطمأنّت، قال الشّاعر:
فآبوا بالنّساء مردّفات ... عوارف بعد كنّ
واتّجاح «3».
والعرف: ريح طيّب، تقول: ما أطيب عرفه،
وقال اللّه عزّ وجلّ: وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
34/ 6/ 32
(محمد/ 6) أي طيّبها «4»، قال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما-: المعنى في
الآية الكريمة: طيّبها لهم بأنواع الملاذّ، وقيل: المعنى: إذا دخلوها يقال لهم: تفرّقوا
إلى منازلكم، فهم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم «5».
وقال الرّاغب: المعرفة (كالعرفان) من قولهم:
عرفت الشّيء أي أصبت عرفه أي رائحته أو
حدّه «6»، وقال الفيروزاباديّ: يقال: عرفه يعرفه إذا علمه (علما خاصّا)، أي أدركه بتفكّر
وتدبّر لأثره، قال: وهي أخصّ من العلم، يقال: فلان يعرف اللّه ولا يقال:
يعلم اللّه لأنّ معرفة البشر للّه تعالى
هي بتدبّر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: اللّه يعلم كذا، ولا يقال: يعرف كذا لأنّ المعرفة
تستعمل في العلم القاصر المتوصّل إليه بتفكّر وتدبّر «7».
ويرادف المعرفة العرفان والعرفة، قال في
القاموس: يقال: عرفه يعرفه معرفة وعرفانا وعرفة (بالكسر)، وعرفّانا، والوصف من ذلك
عارف
__________
(1) معنى «أصلان» في قول ابن فارس: أن له معنيين أصليين تقاس عليهما مشتقات
المادة.
(2) مقاييس اللغة 4/ 281 (بتصرف).
(3) الاتجاح من الوجاح وهو الستر، والمراد: معترفات بالذلّ والهوان.
(4) كتاب العين 2/ 123
(5) انظر هذين الرأين وغيرهما في تفسير القرطبي مجلد 8 ج 16 ص 153، والرأي
الأول يجعل اللفظ مشتقا من العرف وهو الرّائحة، والثاني يجعله مشتقا من التّعريف وهو
الإعلام بالشيء، وكلاهما راجع إلى معنى السكون والطمأنينة.
(6) المفردات للراغب ص 333
(7) بصائر ذوي التمييز 4/ 47
وعريف وعروفة «1»،
قال الجوهريّ: (ومن معاني) العارف: الصّبور، يقال: أصيب فلان فوجد عارفا، والعروف مثله،
قال عنترة:
فصبرت عارفة لذلك
حرّة ... ترسو إذا نفس الجبان تطلّع
وقولهم: رجل عروفة
بالأمور أي عارف بها، والهاء للمبالغة، والعارف والعريف بمعنى، وأنشد الأخفش لطريف
بن عمرو الغنويّ:
أو كلّما وردت عكاظ
قبيلة ... بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم
والتّعريف: الإعلام،
والتّعريف: إنشاد الدّابّة، والتّعريف: التّطييب (من العرف)، والتّعريف:
الوقوف بعرفات، والعرّاف:
الكاهن، والعرّاف:
الطّبيب «2»، وقولهم:
أمر عريف وعارف أي معروف (فعيل بمعنى مفعول)، ويقال: أعرف فلان فلانا وعرّفه: وقّفه
على ذنبه، ثمّ عفا عنه، وعرّفه الأمر:
أعلمه إيّاه، وعرّفه
بيته: أعلمه بمكانه، وعرّفه به: وسمه (أي وصفه له). قال سيبويه: وأمّا عرّفته بزيد
فإنّما عرّفته بهذه العلامة وأوضحته بها، وقولهم: اعترف القوم: سألهم، وقيل: سألهم
عن خبر ليعرفه، وربّما وضعوا عرف موضع اعترف، كما وضعوا اعترف موضع عرف، وقولهم: تعرّفت
ما عند فلان، أي تطلّبت حتّى عرفت، وتقول: ائت فلانا فاستعرف إليه حتّى يعرفك، وتعارف
القوم: عرف بعضهم بعضا «3»، وجاء في حديث ابن مسعود: «... فيقال لهم: هل تعرفون ربّكم؟
فيقولون: إذا اعترف لنا عرفناه» قال ابن الأثير: أي إذا وصف نفسه بصفة نحقّقه بها عرفناه
«4»، وقول اللّه تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ
أَبْناءَهُمْ (البقرة/ 146) الضّمير في «يعرفونه» يرجع إلى محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم
والمعنى أنّهم يعرفون نبوّته وصدق رسالته «5»، أمّا قوله سبحانه: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ
اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (النحل/ 83) النّعمة هي نبوّة
محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم وإنكارها تكذيبه، وقيل: يعرفون نعمة اللّه بتقلّبهم فيها،
وينكرونها بترك الشّكر عليها «6»، وقال ابن كثير:
(المعنى) يعرفون أنّ اللّه
تعالى هو المسدي إليهم ذلك (الفضل) وهو المتفضّل به عليهم، ومع هذا ينكرون ذلك ويعبدون
معه غيره ويسندون الرّزق والنّصر لسواه «7».
لفظ الجلالة لغة:
اختلف اللّغويّون
في لفظ الجلالة «اللّه» فقال بعضهم إنّه علم غير مشتقّ، وهو اسم موضوع هكذا «اللّه»
وليس أصله «إلاه» وليس من الأسماء الّتي يجوز فيها اشتقاق فعل، كما يجوز في الرّحمن
الرّحيم.
__________
وقيل إنّه مشتقّ،
وأصله إلاه، ثمّ دخلت عليه الألف واللّام، فقيل الإلاه، ثمّ حذفت همزته تخفيفا لكثرة
الاستعمال، وأدغم اللّامان «1» مع التّفخيم، ولكنّ اللّام ترقّق إذا كسر ما قبلها.
وقال الغزاليّ: فأمّا
قوله «اللّه» «2». فهو اسم للموجود الحقّ، الجامع لصفات الإلهيّة، المنعوت بنعوت الرّبوبيّة،
المتفرّد بالوجود الحقيقيّ، فإنّ كلّ موجود سواه غير مستحقّ الوجود بذاته، وإنّما استفاد
الوجود منه- سبحانه- وكلّ ما عداه من حيث ذاته هالك، ومن الجهة الّتي تليه موجود، فكلّ
موجود هالك إلّا وجهه، والأشبه أنّه جار في الدّلالة على هذا المعنى مجرى أسماء الأعلام،
وكلّ ما ذكر في اشتقاقه وتعريفه تعسّف وتكلّف «3».
وقال السّفارينيّ:
«اللّه» علم للذّات الواجب الوجود لذاته، المستحقّ لجميع الكمالات، وهو مشتق عند سيبويه،
واشتقاقه من أله (على وزن فعل) إذا تحيّر، لتحيّر الخلق في كنه ذاته تعالى وتقدّس.
وقيل:
من لاه يليه إذا علا،
أو من لاه يلوه، إذا احتجب، وهذا الاسم عربيّ عند الأكثر، وزعم بعضهم أنّه معرّب، فقيل
عبريّ وقيل سوريانيّ، قالى السّفارينيّ: والقول بأنّه معرّب ساقط لا يلتفت إليه «4».
وقولهم «اللّهمّ»
معناه: يا أللّه وهذه الميم المشدّدة عوض من «يا» (الّتي للنّداء)، لأنّهم لم يجدوا
«يا» مع هذه الميم في كلمة واحدة، ووجدوا اسم اللّه مستعملا ب «يا» إذا لم يذكروا الميم
في آخر الكلمة، فعلموا أنّ الميم في آخر الكلمة بمنزلة «يا» في أوّلها، والضّمة الّتي
هي في الهاء هي ضمّة الاسم المنادى المفرد، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم قبلها
«5»، ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا أللّه اغفر لي (بهمزة)، ومنهم من يقول: يا
اللّه (بغير همز)، فمن حذف الهمزة فهو على السّبيل (المعتاد) في حذف الهمزة مع ياء
النّداء، ومن همزها فعلى توهّم أصالتها نظرا لعدم سقوطها (في غير النّداء) «6».
المعرفة اصطلاحا:
قال الكفويّ: المعرفة
هي الإدراك المسبوق بالعدم، وتقال أيضا لثاني الإدراكين إذا تخلّلهما عدم، ولإدراك
الأمر الجزئيّ أو البسيط «7».
وقال الجرجانيّ: المعرفة
إدراك الشّيء على ما هو عليه، وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمّى الحقّ
تعالى بالعالم دون العارف «8».
وقال صاحب التّوقيف
(بعد أن ذكر تعريف
__________
الجرجانيّ): المعرفة
عند القوم سموّ اليقين، وقيل:
سقوط الوهم لوضوح
الاسم «1».
وقال الفيروزاباديّ:
المعرفة إدراك الشّيء بتفكّر وتدبّر لأثره، يقال: فلان يعرف اللّه، لأنّ معرفة البشر
للّه إنّما هي بتدبّر آثاره دون إدراك ذاته، وهي أخصّ من العلم «2».
الفرق بين المعرفة
والعلم:
قال الفيروزاباديّ:
الفرق بين المعرفة والعلم من وجوه لفظا ومعنى، أمّا من جهة اللّفظ ففعل المعرفة (عرف-
يعرف ...) يتعدّى لمفعول واحد، تقول عرفت زيدا، وفعل العلم (علم- يعلم ...) يتعدّى
لمفعولين، كما في قولك علمته مؤمنا، وإذا تعدّى لمفعول واحد كان بمعنى المعرفة كقولك:
هذا أمر لا تعلمه أي لا تعرفه «3».
أمّا الفرق من جهة
المعنى فمن وجوه:
الأوّل: المعرفة تتعلّق
بذات الشّيء، والعلم يتعلّق بأحواله ولذلك جاء الأمر في القرآن بالعلم دون المعرفة،
وذلك كما في قوله سبحانه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ (محمد/ 19).
الثّاني: المعرفة
في الغالب تكون لما غاب عن القلب بعد إدراكه فإذا أدركه قيل: عرفه وذلك كما في قوله
تعالى: فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (يوسف/ 58)، والمعرفة على هذا نسبة الذّكر
النّفسيّ وهو حضور ما كان غائبا عن الذّاكر، ولذا فإنّ ضدّ المعرفة الإنكار وضدّ العلم
الجهل.
الثّالث: أنّ المعرفة
تفيد تمييز المعروف عن غيره، والعلم يفيد تمييز ما يوصف به عن غيره، ذلك أنّ التّمييز
الحاصل عن المعرفة يرجع إلى إدراك الذّات وإدراك صفاتها، أمّا تمييز العلم فإنّه يرجع
إلى تخليص الذّات وتخليص صفاتها من غيرها «4».
الرّابع: المعرفة
علم بعين الشّيء مفصّلا عمّا سواه، بخلاف العلم فإنّه قد يتعلّق بالشّيء مجملا «5».
الخامس: وأضاف الكفويّ
إلى ذلك فرقا آخر هو أنّ العلم أعمّ من المعرفة، فالمعرفة تقال فيما لا يعرف إلّا كونه
موجودا فقط، والعلم يقال في ذلك وفي غيره «6».
لفظ الجلالة اصطلاحا:
«اللّه»
قال الغزاليّ: هو
الاسم الدّالّ على الذّات الجامعة لصفات الإلهيّة كلّها حتّى لا يشذّ منها شيء،
__________
وسائر الأسماء لا
يدلّ آحادها إلّا على آحاد المعاني، من علم وقدرة أو فعل أو غير ذلك، وهو أخصّ أسمائه
تعالى، إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا، وسائر الأسماء قد يسمّى بها غيره،
ولهذين الوجهين يشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء «1».
وقال السّفارينيّ:
وهو (أي لفظ الجلالة) الاسم الأعظم عند أكثر أهل العلم، وعدم الإجابة لأكثر النّاس
مع الدّعاء به لتخلّف بعض شروطه الّتي من أهمّها الإخلاص وأكل الحلال، وقد قدّم على
الرّحمن الرّحيم (في البسملة) لأنّه اسم ذات في الأصل، وهما اسما صفة في الأصل والذّات
متقدّمة على الصّفة «2».
وقال مؤلّفو المعجم
الكبير: اللّه: علم على الإله المعبود بحقّ، الجامع لكلّ صفات الكمال، وتفرّد سبحانه
بهذا الاسم فلا يشركه فيه غيره «3».
معرفة اللّه عزّ وجلّ
اصطلاحا:
قال الكفويّ: المعرفة
في اصطلاحهم: هي معرفة اللّه عزّ وجلّ بلا كيف ولا تشبيه «4».
وقال بعضهم: معرفة
اللّه عزّ وجلّ هي ثمرة التّوحيد، والمراد بها: معرفته عزّ وجلّ بصفاته الواجبة له
مع تننزيهه عمّا يستحيل اتّصافه به، معرفة صحيحة ناشئة عن الأدلّة اليقينيّة «5».
حكم معرفة اللّه عزّ
وجلّ:
قال الكفويّ: معرفة
اللّه عزّ وجلّ بالدّليل الإجماليّ فرض عين لا مخرج عنه لأحد من المكلّفين، وهي بالتّفصيل
فرض كفاية لا بدّ أن يقوم به البعض «6».
تفاضل الناس في المعرفة:
قال شيخ الإسلام ابن
تيميّة: أصل التّفاضل بين النّاس إنّما هو بمعرفة اللّه ومحبّته. وإذا كانوا يتفاضلون
فيما يعرفونه من المعروفات، وإذا كانوا يتفاضلون في معرفة الملائكة وصفاتهم والتّصديق
بهم، فتفاضلون في معرفة اللّه وصفاته والتّصديق به أعظم، وكذلك إن كانوا يتفاضلون في
معرفة روح الإنسان وصفاتها، والتّصديق بها، أو في معرفة الجنّ وصفاتهم وفي التّصديق
بهم، أو في معرفة ما في الآخرة من النّعيم والعذاب، فتفاضلهم في معرفة اللّه وصفاته
(أعظم)، بل إن كانوا متفاضلين في معرفة أبدانهم وصفاتها، وصحّتها ومرضها، وما يتبع
ذلك فتفاضلهم في معرفة اللّه تعالى أعظم وأعظم، إنّ كلّ ما يعلم ويقال يدخل في معرفة
اللّه تعالى، إذلا موجود إلّا وهو خلقه وكلّ ما في المخلوقات من الصّفات والأسماء والأقدار
والأفعال شواهد ودلائل على ما للّه سبحانه من الأسماء الحسنى والصّفات العلى، وكلّ
__________
كمال في المخلوقات
من أثر كماله، وكلّ كمال ثبت لمخلوق فالخالق أحقّ به، وكلّ نقص تنزّه عنه مخلوق فالخالق
أحقّ بتنزيهه عنه، لقد ثبت في الحديث الشّريف أنّ للّه أسماء استأثر بها «1» في علم
الغيب عنده، وأسماء اللّه متضمّنة لصفاته، وليست أسماء أعلام محضة، وإذا كان من أسمائه
ما اختصّ هو بمعرفته، ومن أسمائه ما خصّ به ما شاء من عباده، علم أنّ تفاضل النّاس
في معرفته أعظم من تفاضلهم في معرفة كلّ ما يعرفونه «2».
BERSAMBUNG...
Tidak ada komentar:
Posting Komentar