{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
}
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا
بشرعه، خافوا الله، واحذروا عقابه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه، ولتتدبر كل
نفس ما قدمت من الأعمال ليوم القيامة، وخافوا الله في كل ما تأتون وما تَذَرون، إن
الله سبحانه خبير بما تعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وهو مجازيكم عليها.AL-MUYASSAR.10/93
{ ولتنظر نفسه ما قدمت لغد } : أي لينظر كل
أحد ما قدم ليوم القيامة من خير وشر
.
{ ولا تكونوا كالذين نسوا الله } : أي ولا تكونوا
أيها المؤمنون كالذين نسوا الله فتركوا طاعته .
{ فأنساهم أنفسهم } : أي فعاقبهم بأن أنساهم أنفسهم
فلم يعملوا خيراً قط .
{ لا يستوى أصحاب النار : أي لأن أصحاب الجنة فائزون
بالسلامة من المرهوب وأصحاب الجنة } والظفر بالمرغوب المحبوب . وأصحاب النار خاسرون .
{ أصحاب الجنة هم الفائزون } : في جهنم خالدون . فكيف
يستويان؟.AISARUT TAFASIR.4/237
قوله جل ذكره : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ }
التقوى الأولى على ذكر العقوبات في الحال
والفِكرِ في العملِ خَيْرِه وشَرِّه
.
والتقوى الثانية تقوى المراقبة والمحاسبة
، ومَنْ لا محاسبة له في أعماله ولا مراقبة له في أحواله . . فعَنْ قريب سيفتضح .
وعلامةُ مَنْ نَظَرَ لِغدِه أن يُحْسِنَ
مراعاة َ يومِه؛ ولا يكون كذلك إلاَّ إذا فَكَّرَ فيما عَمِلَه في أمْسِه والناس في
هذا على أقسام : مُفَكِّرٌ في أمْسِه : ما الذي قُسِمَ له في الأزل؟ وآخر مفكِّر في
غده : ما الذي يلقاه؟؟ وثالثٌ مُسْتَقِلٌّ بوقته فيما يلزمه في هذا الوقت فهو مُصطََلَمٌ
عن مشاهده موصولٌ بربِّه ، مُنْدَرَجٌ في مذكوره؛ لا يتطلَّعْ لماضيه ولا لمستقبله
، فتوقيتُ الوقتِ يشغله عن وقته
.
قوله جل ذكره : { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ
نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَسِقُونَ } تركوا طاعتَه
فَتَرَكُهم في العذاب؛ وهو الخذلان حتى لم يتوبوا { أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .AL-QUSYAIRY.7/411
يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله } في كل ما تأتون وتذرون ، { ولتنظرْ نَفْس ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ
} أي : أيّ شيء قدمت من الأعمال الصالحة ليوم القيامة . سمّاه باليوم الذي يلي يومك
تقريبًا له ، أو عبّر عن الآخرة بالغد ، كأنّ الدنيا والآخرة نهاران يوم وغد ، وتنكيره
لتفخيمه وتهويله ، كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لغاية عِظمه . وعن مالك بن دينار :
مكتوب على باب الجنة : وجدنا ما عملنا ، ربحنا ما قدّمنا ، خسرنا ما خلفنا . { واتقوا
اللهَ } ، كرر تأكيدًا للأمر بالتقوى ، أو الأول في أداء الواجبات ، كما يشعر به ما
بعده من الأمر بالعمل ، وهذا في ترك المعاصي ، كما يؤذن به الوعيد في قوله : { إِنَّ
الله خبير بما تعملون } أي : من المعاصي .
{ ولا تكونوا كالذين نَسُوا اللهَ } أي : نسوا حقوقه
تعالى أو : تركوا ذكره ، { فأنساهم أنفسهم } ؛ فأهملهم ولم يذكرهم بتوفيقِ ولا هداية
، أو : جعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ، ولم يفعلوا ما يخلصها ، أو : أراهم
يوم القيامة من الأهوال ما أنساهم أنفسهم ، { أولئك هم الفاسقون } ؛ الكاملون في الفسق .
{ لا يستوي أصحابُ النار } الذي نسوا الله فاستحقُّوا
الخلود في النار { وأصحابُ الجنة } الذين اتقوا الله ، فاستحقُّوا الخلود في الجنة
، { أصحابُ الجنة هم الفائزون } ، وهذا تنبيه وإيقاظ وإيذان بأن غفلتهم وقلة فكرهم
في العاقبة ، وتهالكهم ، على إيثار العاجلة واتباع الشهوات ، كأنهم لايعرفون الفرق
بين الجنة والنار ، والبَوْن العظيم بين أصحابها ، وأنَّ الفوز العظيم لأصحاب الجنة
، والعذاب الأليم لأصحاب النار ، فمِن حقهم أن يعلموا وينتبهوا له ، كما تقول لمَن
يعق أباه : هو أبوك ، تجعله بمنزلة مَن لا يعرفه؛ لتنبهه بذلك على حق الأبوة الذي يقتضي
البر والتعطُّف . واستدل بالآية على أنّ المسلم لا يُقتل بالكافر ، وأنَّ الكفار لا
يملكون أموال المسلمين ، ورُدَّ بأنَّ عدم الاستواء إنما هو في الأحوال الأخروية ،
لا الدنيوية . والله تعالى أعلم
.
الإشارة : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله } ، أن تشهدوا معه سواه { ولتنظر نفس ما قدمت لغدٍ } من المعرفة ، فإنّ الشهود
يوم القيامة على قدر المعرفة هنا ، « واتقوا الله » فلا تؤثروا عليه سواه ، { ولا تكونوا
كالذين نسوا الله } أي : ذكره والتوجه إليه ، « فأنساهم أنفسهم » أي : غيّبهم عن إصلاحها
وعلاجها ، حتى ماتت في أودية الخواطر والشكوك ، « أولئك هم الفاسقون » الخارجون عن
الحضرة المقدسة . « لا يستوي أصحاب النار » أي : نار القطيعة والحجاب « وأصحاب الجنة
» أي : جنة المعارف « أصحاب الجنة هم الفائزون » بكل مطلوب ، الناجون من كل مرهوب .AL-BAHRUL MADID.6/294
قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد } أي لينظر أحدكم إلى شيء قدم لنفسه من الأعمال عملاً
صالحاً ينجيه أم سيئاً يوبقه والمراد بالغد يوم القيامة وقربه على الناس كان يوم القيامة
يأتي غداً وكل ما هو آت فهو قريب ، { واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون } قيل كرر
الأمر بالتقوى تأكيداً وقيل معنى الأول اتقوا الله في أداء الواجبات ومعنى الثاني واتقوا
الله فلا تأتوا المنهيات { ولا تكونوا كالذين نسوا الله } أي تركوا أمر الله { فأنساهم
أنفسهم } أي أنساهم حظوظ أنفسهم حتى لم يقدموا لها خيراً ينفعها وعنده { أولئك هم الفاسقون
لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } لما أرشد المؤمنين إلى
ما يصلحهم بقوله « ولتنظر نفس ما قدمت لغد هدد الكافرين بقوله نسوا الله فأنساهم أنفسهم
بين الفرق بين الفريقين بقوله لا يستوي أصحاب النار يعني الذين هم في العذاب الدائم
وأصحاب الجنة يعني الذين هم في النعيم المقيم ثم أتبعه بقوله أصحاب الجنة هم الفائزون
ومعلوم أن من جعل له النعيم المقيم فقد فاز فوزاً عظيماً .AL-KHAZIN.6/80
{ ياأيها الذين ءامَنُواْ اتقوا الله وَلْتَنظُرْ
نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ليوم القيامة سماه به لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة
كغده ، وتنكيره للتعظيم وأما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة
كأنه قال : فلتنظر نفس واحدة في ذلك . { واتقوا الله } تكرير للتأكيد ، أو الأول في
أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل والثاني في ترك المحارم لاقترانه بقوله : { إِنَّ
الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } وهو كالوعيد على المعاصي .
{ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين نَسُواْ الله } نسوا حقه
. { فأنساهم أَنفُسَهُمْ } فجعلهم ناسين لها حتى لم يسمعوا ما ينفعها ولم يفعلوا ما
يخلصها ، أو أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم . { أُولَئِكَ هُمُ الفاسقون
} الكاملون في الفسوق .
{ لاَ يَسْتَوِى أصحاب النار وأصحاب الجنة } الذين
استكملوا نفوسهم فاستأهلوا الجنة والذين استمهنوها فاستحقوا النار ، واحتج به أصحابنا
على أن المسلم لا يقتل بالكافر . { أصحاب الجنة هُمُ الفائزون } بالنعيم المقيم .AL-BAIDHAWY.5/285
قوله تعالى : { ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا
الله } في أوامره ونواهيه ، وأداء فرائضه واجتناب معاصيه . { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ } يعني يوم القيامة . والعرب تكني عن المستقبل بالغد . وقيل : ذِكْر
الغَدِ تنبيهاً على أن الساعة قريبة؛ كما قال الشاعر :
وإن غداً للناظرين قريب ... وقال الحسن
وقتادة : قرّب الساعة حتى جعلها كغَدٍ . ولا شك أن كل آتٍ قريبٌ؛ والموت لا محالة آتٍ
. ومعنى «ما قَدَّمت» يعني من خير أو شر . { واتقوا الله } أعاد هذا تكريراً ، كقولك
: اعجل اعجل ، اِرْم اِرْم . وقيل التقوى الأولى التوبة فيما مضى من الذنوب ، والثانية
اتقاء المعاصي في المستقبل . { إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } قال سعيد بن
جبير : أي بما يكون منكم . والله أعلم
.AL-QURTHUBY.1/5559
{ ياأيها الذين آمَنُواْ } بمحمد عليه الصلاة
والسلام والقرآن { اتقوا الله } اخشوا الله { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ } كل نفس برة أو فاجرة
{ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ماعملت ليوم القيامة فإنما تجد يوم القيامة ما عملت في الدنيا
إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر { واتقوا الله } اخشوا الله فيما تعملون { إِنَّ
الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر { وَلاَ تَكُونُواْ } يا معشر المؤمنين
في المعصية { كالذين نَسُواْ الله } تركوا طاعة الله في السر وهم المنافقون ويقال تركوا
طاعة الله في السر والعلانية وهم اليهود { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } فخذلهم الله
حتى تركوا طاعة الله { أولئك هُمُ الفاسقون } الكافرون بالله في السر يعني المنافقين
وإن فسرت على اليهود يقال هم الكافرون بالله في السر والعلانية { لاَ يستويا } في الطاعة
والثواب { أَصْحَابُ النار } أهل النار { وَأَصْحَابُ الجنة } أهل الجنة { أَصْحَابُ
الجنة هُمُ الفآئزون } فازوا بالجنة ونجوا من النار.TANWIRUL MIQBAS.2/78.JAKARTA
21/12/2014
Tidak ada komentar:
Posting Komentar